قوله في رواية الزُّهريّ عن أنَسَ "جُحِشْ شقه الأيمن" فقد مرَّ ما فيه في باب الصلاة على السطوح، وهو غير مناف لكون قدمه قد انفكت، لاحتمال وقوع الأمرين.
وحاصل ما في القصة أن عائشة في هذا الحديث أبهمت الشكوى، وبيّن جابر وأنس السبب، وهو السقوط عن الفرس، وعين جابر العلة في الصلاة قاعدًا، وهي انفكاك القدم أو قوله: صلى وراءه قوم قيامًا، ولمسلم "فدخل عليه قوم من أصحابه يعودونه" الحديث، وقد سموه منهم أنس كما في الحديث الذي بعده، كما مرَّ قريبًا وأبو بكر كما في حديث جابر، وعمر كما في رواية الحسن مرسلًا عن عبد الرَّزَّاق، وكل هؤلاء قد مرَّ تعريفهم. مرَّ أنس في السادس من الإيمان، ومرَّ جابر في الرابع من بدء الوحي، وعمر في الأول منه، ومرَّ أبو بكر في باب من لم يتوضأ من لحم الشاة.
وقوله: فأشار إليهم، كذا للأكثر هنا، من الإشارة، وكذا لجميعهم في الطب، وللحَمَوِي هنا فأشار عليهم من المَشُورة، والأول أصح، فقد رواه أيوب بلفظ "فأومأ إليهم" ورواه عبد الرزاق بلفظ "فأخلف بيده يومىء بها إليهم" وفي مرسل الحسن "ولم يبلغ بها الغاية" وقوله: إنما جعل الإمام ليؤتم به، قد تقدمت مباحثه مستوفاة غاية الاستيفاء عند ذكر حديث أنس في باب الصلاة على السطوح. وقوله: فقولوا ربنا ولك الحمد، أي بالواو، ولجميع الرواة في حديث عائشة وكذا لهم في حديث أبي هُريرة وأنس، إلا في رواية الليث عن الزّهري في باب إيجاب التكبير، فللكُشْمِيَهني، بحذف الواو ورجح إثبات الواو بأن فيها معنى زائدًا لكونها عاطفة على محذوف تقديره "ربنا استجيب لنا" أو ربنا أطعناك ولك الحمد، فيشتمل على الدعاء والثناء معًا وقد قال العلماء ثبوت الواو أرجح وهي عاطفة كما مرَّ، وقيل زائدة، وقيل هي واو الحال. قاله ابن الأثير، وضعف ما عداه، ورجح قوم حذفها لأنّ الأصل عدم التقدير، فتكون عاطفة على كلام غير تام، والأول أوجه.