حتى تراموا بالحجارة، فأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقال: اذهبوا بنا فأصلح بينهم. وله فيه من رواية أبي غسان عن أبي حازم "فخرج في أناس من أصحابه" وسمى الطبرانيّ منهم أُبَيّ بن كَعْب وسُهَيل بن بيضاء، وقد مرَّ تعريف أُبَيّ في السادس عشر من كتاب العلم، وجاء تعريف سُهيل بن بيضاء في الثاني والأربعين والمئة من التفسير، وللمؤلف في الأحكام عن أبي حازم أن توجهه كان بعد أن صلى الظهر، وللطبرانيّ أن الخبر جاء بذلك، وقد أذن بلال لصلاة الظهر.
وقوله: فحانت الصلاة، أي صلاة العصر، وصرح به في الأحكام بلفظ "فلما حضرت صلاة العصر أذن وأقام وأمر أبا بكر فتقدم" ولم يسم فاعل ذلك، وأخرجه أحمد وأبو داود وابن حبَّان، فبيّن أن ذلك كان بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولفظه "إنْ حضرت الصلاة ولم آتك فمر أبا بكر فليصل بالناس، فلما حضرت العصر أذّن بلال ثم أقام، ثم أمر أبا بكر فتقدم" ونحوه للطَّبرانيّ، وعرف بهذا أن المؤذن بلال، وأما قوله: لأبي بكر أتصلي للناس، فلا يخالف ما ذكر، لأنه يحمل على أنه استفهمه هل يبادر أول الوقت أو ينتظر قليلًا، ليأتي النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ ورجح عند أبي بكر المبادرة، لأنها فضيلة متحققة، فلا تترك لفضيلة متوهمة.
وقوله: فأقيم، بالنصب، ويجوز الرفع. وقوله: قال نعم، زاد في رواية أبي حازم عند المؤلف، في باب رفع الأيدي "إن شئت" وإنما فوض ذلك له لاحتمال أن يكون عنده زيادة علم من النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك في قوله: فصلى أبو بكر، أي دخل في الصلاة، ولفظ عبد العزيز المذكور "وتقدم أبو بكر فكبر"، وفي رواية المسعوديّ: "فاستفتح أبو بكر الصلاة" وهي عند الطَّبرانيّ، وبهذا يجاب عن الفرق بين المقامين، حيث امتنع أبو بكر هنا أن يستمر إمامًا، وحيث استمر في مرض موته -صلى الله عليه وسلم- حين صلى خلفه الركعة الثانية من الصبح، كما صرح به موسى بن عُتْبَة في المغازي، فكأنه لما أن مضى معظم الصلاة حسن الاستمرار، ولما أن لم يمض منها إلا اليسير لم يستمر، وكذا وقع لعبد الرحمن بن عوف، حيث صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- خلفه الركعة الثانية من الصبح، فإنه