التي فيها أن أبا بكر كان مأمومًا للجزم بها، ولأن أبا معاوية أحفظ في حديث الأعمش من غيره، ومنهم من سلك عكس ذلك، ورجح أنه كان إماما، وقد جزم بذلك الضياء وابن ناصر وقال: إن صح وثبت أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى خلف أبي بكر مقتديًا به في مرض موته، ولا ينكر هذا إلا جاهل، وقد ثبت في صحيح مسلم أنه صلى خلف عبد الرحمن بن عَوْف في غزوة تبوك صلاة الفجر، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد خرج لحاجته، فقدم الناسُ عبدَ الرحمن، فصلى بهم، فأدرك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الأخيرة، فلما سلم عبد الرحمن قام النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين، فأكثروا التسبيح، فلما قضى عليه الصلاة والسلام صلاته، أقبل عليهم ثم قال: "أحسنتم أو قد أصبتم" يغبطهم لأنهم صلوا لوقتها. ورواه أبو داود ونحوه.
وقد روى الدارقُطنِيّ عن المُغيرة بن شُعْبَة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما مات نبي حتى يؤمه رجل من قومه" ومنهم من سلك الجمع فحمل القصة على التعدد، ويؤيده اختلاف النقل عن الصحابة عن غير عائشة، فحديث ابن عباس فيه أن أبا بكر كان مأمومًا كما في رواية موسى بن أبي عائشة الآتية، وكذا في رواية أرْقَم بن شُرحبيل عن ابن عباس السابقة. وفي حديث أنس أن أبا بكر كان إمامًا، أخرجه التِّرمِذِيّ وغيره، من رواية حُمَيد عن ثابت عنه بلفظ "آخر صلاة صلاها النبي -صلى الله عليه وسلم- خلف أبي بكر في ثوب" وأخرجه النَّسائيّ من وجه آخر عن حُميد عن أنس، فلم يذكر ثابتًا، وقد مرَّ بيان ما يترتب على هذا الاختلاف من الحكم مستوفى في باب الصلاة في السطوح، عند ذكر الحديث الذي فيه "إنما جُعل الإِمام ليوتم به" وتأتي بقية فوائده مستوفاة في الحديث الذي بعده، جمعًا بين فوائدهما لاتحادهما.
وفيه ذكر أبي بكر، ولفظ رجلين مبهمين، وهما عليّ والعباس. وقيل أسامة بن زَيد والفَضْل بن العباس. أما رجاله الستة:
فالأول: عُمَر بن حَفْص.