وهذا الأثر مع كونه معلقًا يسمى مقطوعًا، فالمعلق مر الكلام عليه في الرابع، والمقطوع هو قول التابعي وفعله إذا خلا عن قرينة الرَّفْع والوَقْف، ومثل التابعي من دونه، يُجْمع على مقاطيع ومقاطع، والشافعيُّ يعبر بالمقطوع عن المُنْقَطِع، وهو ما لم يتصل إسناده كما يأتي قريبًا إن شاء الله، والمقطوع من مباحث المتن، والمنقطع من مباحث الإِسناد، وعكس الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البَرْدَعي ما قال الشافعي فجعل المنقطع هو قول التابعي.
والبَرْدَعيُّ نسبة إلى بَرْدَعة بفتح الباء والدال المهملة، بلدة من أقصى بلاد أذْرَبيجان، مُعَرّب برده دان، لأن مَلِكًا منهم سبَا سَبْيًا وأنزلهم هنالك، وإلى المقطوع أشار العِرَاقيُّ، فقال:
وَسَمَّ بالمَقْطُوع قَوْلَ التّابِعِي ... وفِعْلَه وقد رَأى للشّافِعِيّ
تعبِيرَهُ بِهِ عَنِ المُنقَطَعِ ... قُلْتُ وعَكْسُهُ اصْطِلاَحُ البَرْدَعي
وإذا علمت الصحيح في المقطوع، ومغايرته للمنقطع، فلا بدَّ من معرفة المنقطع للتمييز بينهما، وينشأ من ذِكره ذكر المُعْضَل.
فالمُنقَطِع هو ما سَقَط من سنده راوٍ واحد غير الصحابي، وإن تَعَدَّدَ سقوطُه في مواضع بحيث لا يَزيد السّاقِط منها على واحدٍ، فيكون منقطعًا في مواضع، فخرج بالواحد المُعضل، مع أن الحاكم يسميه أيضًا منقطعًا، وخرج بغير الصحابي المُرْسَل كما مر تعريفه. وقيل: المُنقَطِع ما لم يَتَّصِل سنده، ولو سقط منه أكثر من واحد، فَيَدْخُل فيه المرسل، والمُعْضَل، والمُعَلّق. قال ابن الصلاح: إن هذا هو الأقرب معنى لا استعمالًا، لأن الانقطاع ضد الاتصال، فيصدق بالواحد وبالجميع وبما بينهما، وقد صار إليه طوائف من الفقهاء وغيرهم، ولكن أكثر استعمالهم القول الأول، فأكثر ما يُسْتَعْمَل فيه المُنقطِع ما رواه مَنْ دون التابعي عن الصحابي، كمالك عن ابن عمر، وأكثر ما يُستعمَل فيه المُرسَل ما رواه التابعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.