حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُنَاجِي رَجُلاً فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ.
في رواية "سمع أنسا"، وقوله أقيمت الصلاة أي صلاة العشاء، بيّنه حَمّاد بن ثابت عن أنس عند مسلم. وقوله: يناجي رجلًا، أي يحادثه، قال "في الفتح": لم أقف على اسم هذا الرجل، وذكر بعض الشراح أنه كان كبيرًا في قومه، فأراد أن يتألفه على الإِسلام، ولم يذكر مستندًا لذلك، ويحتمل أن يكون ملكًا من الملائكة، جاء بوحي من الله تعالى، ولا يخفى بعد هذا. وقوله: حتى نام بعض القوم، زاد شُعْبَةُ عن عبد العزيز "ثم قام فصلى" أخرجه مسلم، وهو عند المصنف في الاستئذان، وفي مسند إسحاق بن راهَوَيهِ "حتى نَعَسَ بعض القوم" وكذا ابن حِبَّان، وهذا يدل على أن النوم المذكور لم يكن مستغرقًا، وقد مرَّ تحرير المسألة في باب الوضوء من النوم من كتاب الوضوء.
وفي الحديث جواز مناجاة الواحد غيره بحضور الجماعة، وترجم عليه في الاستئذان طول النجوى، وفيه جواز الفصل بين الإقامة والإحرام إذا كان لحاجة، وإلا فهو مكروه، واستدل به للرد على من أطلق من الحنفية أن المؤذن إذا قال: قد قامت الصلاة، وجب على الإِمام التكبير. قال الزَّيْن بن المُنِير: خص المصنف الإِمام بالذكر مع أن الحكم عام؛ لأن لفظ الخبر يشعر بأن المناجاة كانت لحاجة النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله "والنبي -صلى الله عليه وسلم- يناجي رجلا" ولو كان لحاجة الرجل لقال أنس "ورجل يناجي رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا ليس بلازم؛ لأن المناجاة من الاثنين، سواء الحاجة لأيهما فيها. وفيه غفلة منه عما في صحيح مسلم