لما كان باب "كيف كان بدء الوحي" كالمقدمة في أول الجامع، لم يذكره بالكتاب، بل ذكره بالباب، ثم شرع يذكر الكتب على طريقة أبواب الفقه، وقدم كتاب "الإِيمان" لأنه ملاك الأمر كله، إذ الباقي مبنيٌّ عليه، مشروطٌ به، وبه النجاة في الدارَين، ثم أعقبه بكتاب "العلم" لأن مدار الكتب التي تأتي بعده كلها عليه، وبه تعلم، وتميز، وتفصل، وإنما آخره عن "الإِيمان" لأن الإِيمان أول واجب على المكلف، ولأنه أفضل الأمور وأشرفها على الإِطلاق، وكيف لا وهو مبدأ كل خير علمًا وعملًا، ومنشأ كل كمال دِقًّا وجِلًّا، وقدم باب "الوحي" عليه لأن باب الوحي كالمقدمة في أول الجامع، ومن شأنها أن تكون إمام المقصود، ولأن الإِيمان وجميع ما يتعلق به يتوقف عليه، وشأن الموقوف عليه التقديم، أو لأن الوحي أول خير نزل من السماء لهذه الأمة، ثم ذكر بعد ذلك كتاب "الصلاة" لأنها تالية الإِيمان، وثانيته في الكتاب والسنة، ثم أعقبها بـ "الزكاة" لأنها ثالثة الإِيمان، وثانية الصلاة فيهما ثم أعقبها "بالحج" لأن العبادة إما بدنية محضة، أو مالية محضة، أو مركبة منهما، فرتبها على هذا الترتيب، والمفرد مقدم على المركب طبعًا، فقدمه أيضا وضعًا ليوافق الوضعُ الطبعَ، ثم أعقب الحج بـ "الصوم" لكونه مذكورًا في الحديث المشهور مع الأربعة المذكورة، وفي وضع الفقهاء الصوم مقدم على الحج نظرًا إلى كثرة دورانه بالنسبة إلى الحج، وفي بعض النسخ يوجد كتاب "الصوم" مقدمًا على كتاب "الحج" كأوضاع الفقهاء.
واختلفت الروايات في تقديم البسملة على كتاب أو تأخيرها، ولكل وجه، والأول ظاهر، ووجه الثاني وعليه أكثر الروايات أن جعل الترجمة قائمة مقام تسمية السورة، والأحاديث المذكورة بعد البسملة كالآية مستفتحة بالبسملة.
و"كتاب" خبر مبتدأ محذوف أي: هذا كتاب الإِيمان، ويجوز نصبه