رواية أبي داود، حيث جاء فيها: "فأُخبرت" بضم الهمزة أنه أصبح على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ... " إلخ.

وقوله: "أبرُّهم"، أي: أكثرهم بِرًّا، أي: طاعة. وقوله: "خيرهم"؛ لأنك حنثت في يمينك حنثًا مندوبًا إليه مطلوبًا، فأنت أفضل منهم بهذا الاعتبار. وقوله: "ولم تبلغني كفارة"، اسْتُدِلَّ به على أنه لا تجب الكفارة في يمين اللجاج والغضب، ولا حجة فيه؛ لأنه لا يلزم من عدم الذكر عدم الوجود، فلمن أثبت الكفارة أن يتمسك بعموم قوله: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} الآية، ويحتمل أن يكون ذلك وقع قبل مشروعية الكفارة في الأيمان، لكن يعكر عليه ما يأتي عن عائشة أن أبا بكر لم يكن يحنث في يمين حتى نزلت الكفارة.

وقال النوويّ: قوله: "ولم تبلغني كفارة" يعني أنه لم يكفِّر قبل الحنث، وأما وجوب الكفارة فلا خلاف فيه، وهذا المعنى بعيد، وقال غيره: يحتمل أن يكون أبو بكر لما حلف أن لا يطعمه، نوى وقتًا معينًا أو صفة مخصوصة، أي: لا أطعمه الآن، أو لا أطعمه معكم، أو عند الغضب، وهذا مبني على أن اليمين هل تقبل التقييد في النفس أم لا؟ ومذهب المالكية قبولها لذلك، وقول أبي بكر: لا أطْعَمه أبدًا، يمين مؤكدة لا تحتمل أن تكون من لغو الكلام، ولا من سبق اللسان.

ثم حملها إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فأصبحت عنده، أي: الجفنة على حالها، وإنما لم يأكلوا منها في الليل لكون ذلك وقع بعد أن مضى من الليل مدة طويلة. وقوله: "فَفَرَقَنا" الفاء فيه الفصيحة، أي: فجاؤوا إلى المدينة، ففرقنا. وهو بتحريك القاف من التفريق، أي: جعلنا فرقًا، وضمير الفاعل المستتر راجع إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. وقوله: اثنا عشر رجلًا، قال: من ضمير "نا" المفعول به، أي: حال كون المفرّق اثنا عشر، وجاء اثنا بالألف في حال النصب على طريق من يُلزم المثنى الألف في الأحوال الثلاثة، ومنه قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}، وعند مسلم اثني عشر، بالنصب، وهو ظاهر. وحكى الكرمانيّ في بعض الروايات: "فقرينا" من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015