في صدر كلامه أن العصر اختصت بذلك، لاجتماع المتعاقبين من الملائكة فيها.
وتعقبه ابن المنير بان الفجر أيضًا فيها اجتماع المتعاقبين، فلا يختص العصر بذلك. قال: والحق أن الله يختص ما يشاء من الصلوات بما شاء من الفضيلة، وبوّب التِّرمذيّ على حديث الباب ما جاء في السهو عن وقت العصر، فحمله على الساهي، وعلى هذا فالمراد بالحديث أنه يلحقه من الأسف عند معاينة الثواب لمن صلى، ما يلحق من ذهب منه أهله وماله. وقد رُوي بمعنى ذلك، عن سالم بن عبد الله بن عمر، ويؤخذ منه التنبيه على أن أسف العامد أشد، لاجتماع فقد الثواب، وحصول الإثم. ويؤيد القولَ الأوّلَ أن المراد إخراجها عن وقتها حديثُ ابن عمر، عند ابن أبى شيبة مرفوعًا: "من ترك العصر حتى تغيب الشمس"، أي: من غير عذر.
وظاهر الحديث التغليظ على من تفوته العصر، وأن ذلك مختص بها. وقال ابن عبد البر: يحتمل أن يكون هذا الحديث خرج جوابًا لسائلٍ سأَل عن صلاة العصر، فأجيب. فلا يمنع ذلك إلحاق غيرها من الصلوات بها. وتعقبه النووي بأنه إنما يلحق المنصوص بالمنصوص، إذا عرفت العلة، واشتركا فيها، والعلة هنا لم تتحقق، فلا يلتحق غير العصر بها. وهذا لا يدفع الاحتمال، واحتج ابن عبد البر بما رواه ابن أبي شيبة، عن أبي قِلابة، عن أبي الدرداء مرفوعًا: "من ترك صلاة مكتوبة حتى تفوته ... " الحديث، لكن في إسناده انقطاع، لأن أبا قِلابة لم يسمع من أبي الدرداء.
ورواه أحمد عن أبي الدرداء بلفظ: "من ترك العصر" فرجع حديث أبي الدرداء إلى تَعيين العصر. وقد روى ابن حبّان وغيره عن نوفل بن معاوية مرفوعًا: "من فاتته الصلاة فكأنما وتر أهله وماله" وهذا ظاهره العموم في الصلوات المكتوبة. وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن نوفل بلفظ: "لأن يوتر أحدكم أهله وماله خير له من أن تفوته صلاة"، وهذا أيضًا ظاهره العموم، فيحصل به الاحتجاج لما قاله ابن عبد البر. ورواه الطبرانيّ من وجه آخر، وزاد فيه: عن