حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، وَبَعْضُ الْعَوَالِي عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ.
قوله: "والشمس مرتفعة حية"، قد مرَّ معنى حياتها في باب "وقت الظهر عند الزوال"، وفيه إشارة إلى بقاء حرها وضوئها. وقوله بعد ذلك: "فيأتيهم والشمس مرتفعة"، أي: دون ذلك الارتفاع، لكنها لم تصل إلى الحد الذي توصف به بأنها منخفضة، وفيه دليل على تعجيله عليه الصلاة والسلام لصلاة العصر، لوصف الشمس بالارتفاع بعد أن تمضي مسافة أربعة أميال. وروى النَّسائيّ والطحاويّ، واللفظ له، عن أنس، قال: "كان رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم يُصلي بنا العصر والشمس بيضاء مُحَلِّقة، ثم أرجع إلى قومي في ناحية المدينة، فأقول لهم قوموا فصلوا، فإن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد صلى". قال الطحاوي: نحن نعلم أن قوم أنس لم يكونوا يصلونها إلا قبل اصفرار الشمس، فدل ذلك على أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، كان يعجلها.
وقوله: "وبعض العوالي"، أي: بين بعض العوالي والمدينة المسافة المذكورة، وروى البيهقيّ هذا الحديث، وقال في آخره: "وبُعد العوالي" بضم الموحدة، وبالدال المهملة، وكذا أخرجه المصنف في الاعتصام تعليقًا. ورواه البيهقيّ أيضًا عن الزُّهريّ، وقال: قال أربعة أميال أو ثلاثة. ورواه أبو عَوانة في صحيحه، وأبو العباس السرَّاج عن الزُّهريّ، ولفظه: "والعوالي من المدينة على