حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْفٌ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلاَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، فَقَالَ: كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الأُولَى حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ، وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ.
قوله: "دخلت أنا وأبي"، زاد الإسماعيلي: "حين أخرج ابن زياد من البصرة" وكان ذلك في سنة أربع وستين، كما يأتي في الفتن. وقوله: "المكتوبة"، أي: المفروضة، واستدل به على أن الوتر ليس من المكتوبة، لكون أبي برزة لم يذكره، وفيه بحث. وقوله: "كان يصلي الهجير"، أي: صلاة الهجير، والهجير والهاجرة بمعنى وهو وقت شدة الحر، وسميت الظهر بذلك لأن وقتها يدخل حينئذ. وقوله: "تدعونها الأولى"، أنّث الضمير نظرًا إلى الصلوات الخمس، وقيل: لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، حين بيّن له الصلوات الخمس، وقيل: لأنها أول صلاة النهار، ورد بأن الصبح الصحيح أنها نهارية.
وقوله: "حين تدحض الشمس"، أي: حين تزول عن وسط السماء، مأخوذ من الدحض وهو الزلق. وفي رواية لمسلم: "حين تزول الشمس"، ومقتضى هذا أنه كان يصلي الظهر في أول وقتها، ولا يخالف ذلك الأمرُ بالإبراد،