شيئًا، والدرن بالتحريك الوسخ، وقد يطلق على الحَبّ الصغار التي تحصل في بعض الأجساد. وقوله: "لا يُبقي"، بضم أوله أيضًا، وشيئًا منصوب على المفعولية، ولمسلم: "لا يَبقى" بفتح أوله، وشيءٌ بالرفع على الفاعلية.
وقوله: "فذلك مثل الصلوات"، الفاء في قوله "فذلك" جواب شيء محذوف، أي: إذا تقرر ذلك عندكم فهو مثل الصلوات، إلخ، وفائدة التمثيل التأكيد وجعل المفعول كالمحسوس. قال الطيبيّ: في هذا الحديث مبالغة في نفي الذنوب، لأنهم لم يقتصروا في الجواب على لا، بل أعادوا اللفظ تأكيدًا، وقال ابن العربيّ: وجه التمثيل أن المرء كما يتدنس بالأقذار المحسوسة في بدنه وثيابه، ويطهره الماء الكثير، فكذلك الصلوات تطهير العبد من أقذار الذنوب، حتى لا تُبقي له ذنبًا إلا أسقطته. وظاهره أن المراد بالخطايا في الحديث ما هو أعم من الصغيرة والكبيرة، لكن قال ابن بطال: يؤخذ من الحديث أن المراد الصغائر خاصة؛ لأنه شبه الخطايا بالدرن، والدرن صغير بالنسبة إلى ما هو أكبر من القروح والخُرَّاجات، وهذا مبنيٌّ على أن المراد بالدرن في الحديث الحَبّ، والظاهر أن المراد به الوسخ؛ لأنه هو يناسبه الاغتسال والتنظيف.
وقد جاء من حديث أبي سعيد الخُدري التصريح بذلك، وهو ما أخرجه البزار والطبراني بإسناد لا بأس به عن عطاء بن يسار، أنه سمع أبا سعيد الخدريّ يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، يقول: "أرأيت لو أن رجلًا كان له مُعْتَمل، وبين منزله ومعتمله خمسة أنهار، فإذا انطلق إلى معتمله عمل ما شاء الله، فأصابه وسخ أو عرق، فكلما مرَّ بنهر اغتسل منه ... الحديث. ولهذا قال القرطبي: ظاهر الحديث أن الصلوات الخمس تستقل بتكفير الذنوب، وهو مشكل، لكن روى مسلم قبله حديث العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "الصلوات الخمس كفّارة لما بينها ما اجتنبت الكبائر" إلى آخر ما مرَّ مستوفى في باب "قيام ليلة القدر" من كتاب الإيمان.
الأول: إبراهيم بن حمزة، وقد مرَّ في الرابع والأربعين من الإيمان، ومرَّ