حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ بن عبد الله، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِى مِنْ دَرَنِهِ؟ ". قَالُوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا. قَالَ: "فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهَنّ الْخَطَايَا".
قوله: "أرأيتم"، هو استفهام تقرير متعلق بالاستخباريّ، أي: أخبروني هل يبقى. وقوله: "لو أن نَهْرًا"، قال الطيبيّ: لفظ لو يقتضي أن يدخل على الفعل، وأن يجاب، لكنه وضع الاستفهام موضعه تأكيدًا وتقريرًا، والتقدير: لو ثبت نهر صفته كذا لما بقي كذا، والنهر بفتح الهاء وسكونها، ما بين جنبي الوادي، سمي بذلك لسعته، وكذلك سمي النهار لسعة ضوئه. وقوله: "ما تقول"، في النسخ المعتمدة بإفراد المخاطب، والمعنى: ما تقول أيها السامع، ولأبي نعيم في المستخرج على مسلم، وكذا للإسماعيليّ والجوزقيّ: "ما تقولون" بصيغة الجمع. قال ابن مالك: فيه شاهد على إجراء فعل القول مجرى فعل الظن. وشرطه عند غير سليم أن يكون مضارعًا مسندًا إلي المخاطب متصلًا باستفهام. وفي بعض النسخ "ما يقول" يالياء التحتانية، وزعم البعض أنه غلط، وأنه لا يصح من جهة المعنى.
والصواب أن له وجهًا وجيهًا، والتقدير: ما يقول أحدكم في ذلك؟! والشرط الذي ذكره ابن مالك وغيره، إنما هو لإجراء فعل القول مجرى فعل الظن، وأما إذا ترك القول على حقيقته، وهذا ظاهر بديهي. وقوله: "ذلك" الإشارة فيه إلى الاغتسال. وقوله: "يُبقي" بضم الياء من الإبقاء. وقوله: "من درنه"، زاد مسلم