وقوله: "قلت أنا كما قاله"، أي: أنا أحفظ ما قاله، والكاف زائدة للتأكيد، أو هي بمعنى "على"، ويحتمل أن يراد بها المثلية، أي: أقول مثل ما قاله. وفي رواية رِبعي المارَّة، قال: أنا أحفظُ كما قال. وفي رواية المصنف في الزكاة: "أنا أحفظه كما قاله". وقوله: "إنك عليه أو عليها لجريء"، أي: على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أو على المقالة، والشك من أحد الرواة فاللام في: لَجَريء، لام التأكيد، وهو على وزن فعيل من الجَراءة، وهي الإقدام على الشيء.
وقوله: "فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره"، المراد بالفتنة: ما يعرض للإنسان مع من ذكر من البشر أو الالتهاء بهم، أو أن يأتي لأجلهم بما لا يحل له، أو يخلّ بما يجب عليه، وقال الزين بن المنير: فتنة الرجل في أهله تقع بالميل اليهن، أو عليهن في القسمة، والإيثار حتى في أولادهن، ومن جهة التفريط في الحقوق الواجبة لهن، أو يريد ما يعرض له معهن من شرٍّ أو حزن أو شبهه. وفتنة الرجل في المال أن يأخذه من غير مأخذه، ويصرفه في غير مصرفه، أو التفريط بما يلزمه من حقوق المال، فتكثر عليه المحاسبة، أو يقع الاشتغال به عن العبادة، وبالأولاد تقع بفرط محبتهم، وشغله بهم عن كثير من الخير، أو التوغل في الاكتساب من أجلهم من غير اكتراث من أن يكون من حلال أو حرام، والفتنة بالجار تقع بالحسد والمفاخرة، والمزاحمة في الحقوق، وإهمال التعاهد، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ}، وليست أسباب الفتن بمن ذكر منحصرة فيما ذكر من الأمثلة.
وقوله: "تكفرها الصلاة والصوم والصدقة ... إلخ"، أي: تكفر فتنة الرجل في أهله، وما ذكر معه أداء الصلاة وما ذكر معها، قال بعض الشراح: يحتمل أن تكون كل واحدة من الصلاة وما معها مكفرة للمذكورات كلها، وأن يكون من باب اللف والنشر، بأن الصلاة مثلًا مكفرة