ما يخالف السنة، واستثبات العالم فيما يستغربه السامع، والرجوع عند التنازع إلى السنة، وفيه فضيلة عمر بن عبد العزيز، وفضيلة المبادرة بالصلاة في الوقت الفاضل، وقبول خبر الواحد المثبت، واستدل به ابن بطال وغيره على أن الحجة بالمتصل دون المنقطع، لأن عروة أجاب عن استفهام عمر له، لما أرسل الحديث بذكر من حدثه به، فرجع إليه، فكأنَّ عمر قال له: تأمل ما تقول، فلعله بلغك من غير ثبت، فكأنّ عروة قال له: بل قد سمعته ممن سمع صاحب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، والصاحب له قد سمعه من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.
واستدل به عياض على جواز الاحتجاج بمرسل الثقة، كصنيع عروة حين احتج على عمر، قال: وإنما راجعه عمر لتثبته فيه، لا لكونه لم يرض به مرسلًا، كذا قال. وظاهر السياق يشهد لما قاله ابن بطال. وقال ابن بطال أيضًا: في هذا الحديث دليل على ضعف الحديث الوارد في أن جبريل أَمّ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في يومين لوقتين مختلفين، لكل صلاة، قال: لأنه لو كان صحيحًا لم ينكر عروة على عمر صلاته في آخر الوقت محتجًا بصلاة جبريل، مع أن جبريل قد صلى في اليوم الثاني في آخر الوقت، وقال: الوقت ما بين هذين.
والحديث المشار إليه هو ما رواه أبو داود والتِّرمِذيّ وغيرهما من أصحاب السنن، والحاكم في "المستدرك"، وقال: هو حديث صحيح. وقال الترمذيّ: حديث حسن، واللفظ للترمذيّ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "أمَّنِي جبريل عند البيت مرتين، فصلى الظهر في المرة الأُولى حين كان الفيء قَدْر الشِّراك، ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى المغرب حين وَجَبَت الشمس، وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى الفجر حين برق الفجر، وحرم الطعام على الصائم، وصلَّى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كشيء مثليه، ثم صلى المغرب