سمع ذلك من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أو بلّغه عنه بتبليغ من شاهده، أو سمعه كصحابي آخر. على أن رواية الليث عند المصنف تزيل الإشكال كله، ولفظه: "فقال عروة: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم يقول ... " فذكر الحديث.
وفي رواية عبد الرزاق، عن ابن شهاب، قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز، فذكره، وفي رواية شعيب عنه: سمعت عروة يحدث عمر بن عبد العزيز الحديث، فهذا يرد ما قيل من أن الحديث ليس فيه التصريح بسماع ابن شهاب له من عروة، وأن ابن شهاب قد جرب عليه التدليس، ولم يبين في شيء من الروايات جواب المغيرة لأبي مسعود، والظاهر أنه رجع إليه، ويدل على أن عمر لم يكن يحتاط في الأوقات كثير احتياط، حتى حدثه عروة بالحديث المذكور، ما رواه عبد الرزاق عن الزهري في هذه القصة قال: فلم يزل عمر يعلِّم الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا. وما رواه أبو الشيخ عنه، قال: ما زال عمر بن عبد العزيز يتعلم مواقيت الصلاة حتى مات. وما رواه ابن إسحاق عنه، قال: فما أخّرها حتى مات.
وقد ورد في هذه القصة من وجه آخر عن الزُّهريِّ بيان أبي مسعود للأوقات، وفي ذلك ما يرفع الإشكال، ويوضح احتجاج عروة به، فقد روى أبو داود وصححه ابن خزيمة، ورواه الطبرانيّ عن أسامة بن زيد، عن الزُّهريِّ هذا الحديث بإسناده، وزاد في آخره: قال أبو مسعود: "فرأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي الظهر حين تزول الشمس ... " فذكر الحديث. وروى الباغنديّ في مسند عمر بن عبد العزيز أن البيان من فعل جبريل، ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" عن أبي بكر بن حزم، أنه بلغه عن أبي مسعود، فذكره منقطعًا، لكن رواه الطبراني عن أبي بكر، عن عروة، فرجع الحديث إلى عروة، ووضح أن له أصلًا، وأن في رواية مالك ومن تابعه اختصارًا، وليس في رواية مالك ومن تابعه ما ينفي الزيادة، فلا توصف، والحالة هذه، بالشذوذ.
وفي الحديث من الفوائد: دخول العلماء على الأمراء، وإنكارهم عليهم