أن يكون الذي كان يبرد الحصى لم يكن في ثوبه فضلة يسجد عليها، مع بقاء سترته له. وقال ابن دقيق العيد: يحتاج من استدل به على الجواز إلى أمرين: أحدهما أن لفظ "ثوبه" دال على المتصل به، إمّا من حيث اللفظ، وهو تعقيب السجود بالبسط، كما في رواية مسلم. وإما من خارج اللفظ، وهو قلة الثياب عندهم، وعلى تقدير أن يكون كذلك، يحتاج إلى ثبوت كونه متناولًا لمحل النزاع، وهو أن يكون مما يتحرك بحركة المصلي، وليس في الحديث ما يدل عليه.
وفيه جواز العمل القليل في الصلاة، ومراعاة الخشوع فيها؛ لأن الظاهر أن صنيعهم ذلك لإِزالة التشويش العارض من حرارة الأرض، وفيه تقديم الظهر في أول الوقت، وظاهر الأحاديث الواردة في الأمر بالإِبراد، والآتية في المواقيت، يعارضه. فمن قال: الإبراد رخصة، فلا إشكال، ومن قال سنة، فإما أن يقول التقديم المذكور رخصة، وإما أن يقول منسوخ بالأمر بالإبراد، وأحسن منهما أن يقال إن شدة الحر قد توجَد مع الإبراد، فيحتاج إلى السجود على الثوب، أو إلى تبريد الحصى؛ لأنه قد يستمر حره بعد الإِبراد، ويكون فائدة الإبراد وجودُ ظلٍّ يمشي فيه إلى المسجد، أو يصلي فيه في المسجد، وهذا الجمع ذكره القرطبيّ، وهو أَوْلى من دعوى تعارض الحديثين.
وفيه أن قول الصحابي "كنا نفعل كذا" من قبيل المرفوع، لاتفاق الشيخين على تخريج هذا الحديث في صحيحيهما، لكن قد يقال: إن في هذا زيادة على مجرد الصيغة، لكونه في الصلاة خلق النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان يرى فيها مَنْ خلفه كما يرى من أمامه، فيكون تقريره فيه مأخوذًا من هذه الطريق، لا من مجرد صيغة "كنا نفعل".
الأول: أبو الوليد، وقد مرّ في العاشر من كتاب الإيمان، ومرّ أنس بن مالك في السادس منه، ومرّ بشر بن المفضل في التاسع من كتاب العلم، ومرّ بكر بن