البرد كذلك، بل القائل بالجواز لا يقيده بالجاجة.
ثم قال: وقال الحسن: كان القوم يسجدون على العمامة والقَلَنْسُوة ويداه في كمه. قوله: كان القوم، أي الصحابة كما يأتي في الأثر. وقوله: والقَلَنْسُوة، هي بفتح القاف واللام وسكون النون وضم السين المهملة وفتح الواو بعدها هاء تأنيث، وقد تبدل ياء مثناة من ثمت، وقد تبدل ألفًا وتفتح السين فيقال قلنساة، وقد تحذف النون من هذه، وهي غشاء مبطَّن يستر به الرأس، وقيل: هي التي يقال لها العمامة الشاشيّة، وفي المحكم: هي من ملابس الرأس، معروفة. وقيل: هي التي تغطَّى بها العمائم، وتستر من الشمس والمطر، كأنها، على هذا، هي رأس البُرْنُس.
وقوله: ويداه في كمه، جملة حالية، أي يد كل واحد في كمه، وكأنه أراد بتغيير الأسلوب بيان كل واحد منهم، ما كان يجمع بين السجود على العمامة والقلنسوة معًا، لكن في كل حالة كان يسجد ويداه في كمه، وللكشميهني "ويديه في كمه" بالنصب بفعل مقدر، أي ويجعل يديه. واستنبط منه أبو حنيفة جواز السجود على كَوْر العمامة، وكرهه مالك، ومنعه الشافعية محتجين بأنه لمّا لم يقم المسح عليها مقام الرأس، وجب أن يكون السجود كذلك، ولأن القصد من السجود التذلل، وتمامه بكشف الجبهة.
والحسن المراد به البصريّ، وقد مرّ في الخامس والعشرين من كتاب الإيمان، وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما، ولفظه عنه "أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل منهم على قَلَنْسُوته وعمامته".