-صلى الله عليه وسلم-، فمن أمِن ذلك لم يكره في حقه.
وفي الحديث جواز الصلاة إلى النائم، وقد ورد فيه حديث ابن عباس "أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث". أخرجه أبو داود وابن ماجه. وقال أبو داود: طرقه كلها واهية، وفي الباب عن ابن عمر أخرجه ابن عديّ، وعن أبي هريرة أخرجه الطبرانيّ في الأوسط، وهما واهيان أيضًا، وكره مجاهد وطاوس ومالك الصلاةَ إلى النائم خشية أن يبدو منه ما يُلهي المصلي عن صلاته. وفيه جواز الصلاة إلى المرأة وأنها لا تقطع صلاته، وكرهه بعضهم لغير الشارع لخوف الفتنة بها، واشتغال القلب بالنظر إليها، وأما النبي -صلى الله عليه وسلم- فمنزه عن هذا كله، مع أنه كان في الليل ولا مصابيح فيه.
وفيه أن المرأة لا تبطل صلاة من صلى إليها، ولا من مرت بين يديه، وهو قول جمهور الفقهاء سلفًا وخلفًا، منهم أبو حنيفة ومالك والشافعيّ، ومعلوم أن اعتراضها بين يديه أشد من مرورها، وذهب بعضهم إلى أنه يقطع مرور الحمار والكلب والمرأة، لحديث أبي ذَرٍّ بذلك عند مسلم، وقال أحمد يقطع الكلب الأسود، وفي قلبي من الحمار والمرأة شيء، ووجّهه ابن دقيق العيد بأنه لم يجد في الكلب الأسود ما يعارضه، ووجد في الحمار حديث ابن عباس الآتي عند المصنف "أنه مرّ وهو راكب على أتان بين يدي بعض الصف"، ووجد في المرأة حديث عائشة المذكور في الباب، وحديثها الآتي "شبهتمونا بالكلاب والحمر .. إلخ".
والجواب عن حديث قطع الصلاة بهؤلاء أحد أمرين:
أحدهما أن المراد من القطع نقص الخشوع لا إبطالها، وذلك لأن المرأة تغير الفكر فيها، والحمار تنهق، والكلب يهوش، فلما كانت هذه الأشياء آئلة إلى القطع أطلق عليها القطع، ويؤيد هذا التأويل أن الصحابيّ راوي الحديث لما سُئل عن التقييد بالكلب الأسود أجاب بأنه شيطان، وقد علم أن الشيطان لو مرّ بين يدي المصلي لم تفسد صلاته، كما يأتي عند المصنف "إذا ثَوَّب