قال النووي: وقد نقل عن مالك، وهو قول مردود، وكذا مذهب من أجاز بغير تقدير، واستدل به على جواز لبس الثوب المطرز بالحرير، وهو ما جعل عليه طراز حرير مركب، وكذلك المُطرَّف وهو ما سُجّفت أطرافه بسجف من حرير بالتقدير المذكور، وقد يكون التطريز في نفس الثوب بعد النسج، وفيه احتمال، واستدل به أيضًا على جواز لبس الثوب الذي يخالطه من الحرير مقدار العلم، سواء كان ذلك القدر مجموعًا أو مفرقًا وهو قوي.
واختلف في علة تحريم الحرير على الرجال على رأيين مشهورين: أحدهما الفخر والخيلاء، والثاني لكونه ثوب رفاهية وزينة، فيليق بزي النساء دون شهامة الرجال، ويحتمل علة ثالثة، وهي التشبه بالمشركين، وهذا قد رجع إلى الأول لأنه من سمة المشركين، وقد يكون المعنيان معتبرين، إلَّا أن المعنى الثاني لا يقتضي التحريم؛ لأن الشافعي قال في الأم: ولا أكره لباس اللؤلؤ إلّا للأدب، فإنه زيُّ النساء، واستشكل بثبوت اللعن للمتشبهين من الرجال بالنساء، فإنه يقتضي منع ما كان مخصوصًا بالنساء في جنسه وهيأته. وذكر بعضهم علة أخرى، وهي السَّرَف قال ابن أبي جمرة: إن قلنا إن تخصيص النهي للرجال لحكمة، فالذي يظهر أنه سبحانه وتعالى علم قلة صبرهن عن التزين، فلطف بهن في إباحته، ولأن تزيينهن غالبًا إنما هو للأزواج. وقد ورد أن حُسْن التَّبَعُّل من الإيمان.
قال: ويستنبط من هذا أن الفحل لا يصلح له أن يبالغ في استعمال الملذوذات لكون ذلك من صفات الإناث، ودل الحديث على أن الصبيان لا يحرم عليهم لبسه؛ لأنهم لا يوصفون بالتقوى، وقد قال الجمهور بجواز إلباسهم ذلك في نحو العيد، وأما في غيره فكذلك في الأصح عند الشافعية، وعكسه عند الحنابلة. وفي وجه ثالث يمنع بعد التمييز، وعند المالكية المذهبُ أنه يكره كراهة تنزيه، للوليّ أن يلبسه الذهب والحرير، ويجوز له إلباسه الفضة.
وقسمت المالكية الحرير إلى ثلاثة أقسام: قسم يجوز باتفاق، وهو الراية في الجهاد، وقسم حرام إجماعًا وهو الخالص منه للرجل البالغ، وقسم مختلف