الحديث السادس والعشرون

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لاَ تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلاَتِي".

قوله: كان قِرام، بكسر القاف وتخفيف الراء، ستر رقيق من صوف ذو ألوان، أو رقم ونقوش. وقوله: أميطي، أمر من أماط أي: أزيلي وزنًا ومعنى، فإنه لا تزال تصاوير، أي بغير ضمير، والهاء في فإنه ضمير الشأن، وفي رواية "تصاويره" بإضافته إلى الضمير، فضمير "إنه" للثوب. وقوله: تَعْرِض، بفتح أوله وكسر الراء، أي تلوح، وللإِسماعيليّ "تَعَرّض" بفتح العين وتشديد الراء، وأصله تَتَعَرَّض، ودل الحديث على أن الصلاة لا تفسد بذلك؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يقطعها، ولم يعدها، لكن تكره الصلاة حينئذ، لما فيه من سبب اشتغال القلب المفوت للخشوع. وظاهر الحديث لا يوفي بجميع ما تضمنته الترجمة إلَّا بعد التأمل؛ لأن الثوب، وإن كان ذا تصاوير، لكنه لم يلبسه، ولم يكن مصلبًا، ولا نهى عن الصلاة فيه صريحًا.

والجواب أمّا أولًا فإن منع لبسه بطريق الأوْلى، وأما ثانيًا فبإلحاق المصلب بالمصوّر، لاشتراكهما في أن كلًا منهما قد عُبِد من دون الله تعالى، أو أشار إلى الحديث المذكور فيه التصليب كما مرّ، وأما ثالثًا فإن الأمر بالإِزالة مستلزم للنهي عن الاستعمال، وتمسك الشافعية بما وقع فيه النهي عن القِرام الذي فيه التصاوير، بأن التصاوير كلها محرمة. وقد قال النوويّ منهم: قال العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر متوعد عليه بالوعيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015