فضلًا عمن دونها، وفيه أن اشتغال الفكر اليسير في الصلاة غير قادح فيها، وهو مجمع عليه، وفيه أن الصلاة تصح وإن حصل فيها فكر بما ليس متعلقًا بالصلاة. والذي حُكِي عن السلف أنه مما يضر غير معتد به.
الأول: أحمد بن يونس، وقد مرّ في التاسع عشر من كتاب الإيمان، ومرّ إبراهيم بن سعد في السادس عشر منه، ومرّ ابن شهاب في الثالث من بدء الوحي، ومرّ عُروة وعائشة في الثاني منه أيضًا.
وفيه ذكر أبي جهم، واسمه عامر بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عَبيد بن عُوَيج بن عَدِيّ بن كعب القُرشيّ العَدَويّ، وقيل اسمه عُبيد الله، أسلم عام الفتح، وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان مقدمًا في قريش معظمًا، وكانت فيه وفي بنيه شدة وعرامة. قال الزبير: كان أبو الجهم بن حذيفة من مشيخة قريش، عالمًا بالنسب، وهو أحد الأربعة الذين كانت قريش تأخذ عنهم النسب، وكان من المعمَّرين، حضر بناء الكعبة مرتين: حين بنتها قُريش، وحين بناها ابن الزبير، وعمل فيها، وقال: عملت في الكعبة مرة في الجاهلية بقوة غلام يَفاع، وفي الإِسلام بقوة شيخ فانٍ.
وهو أحد الأربعة الذين تولّوا دفن عثمان، وأخرج البغويّ من طريق عُروة قال: لما أُصيب عثمان أرادوا الصلاة عليه، فمُنعوا، فقال أبو الجهم: دعوه فقد صلى الله عليه ورسوله، وأخرج ابن أبي عاصم عن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي الجهم قال: سمعت أبا الجهم يقول: لقد تركت الخمر في الجاهلية، وما تركتها إلَّا خشية على عقلي، وما فيها من الفساد. وثبت ذكره في هذا الحديث في الصحيحين، وروى الزُّبير بن بكّار من وجه آخر مرسل "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتى بخميصتين سوداوين، فلبس إحداهما، وبعث الأخرى إلى أبي جهم، ثم أنه أرسل إلى أبي جهم في تلك الخميصة، وبعث إليه التي لبسها هو، وليس هي التي كانت عند أبي جهم بعد أن لبسها أبو جهم لبسات.