المفسرين من السلف يدل على أن الذي أوحى هو الله، أوحى إلى محمد عبده. ومنهم من قال: إلى جبريل.
وقاب قوسين، أي قدر قوسين عربيتين. وقال قتادة: القاب من طرف العود إلى طرفه الآخر. وقال الحسن ومجاهد: من الوتر إلى العود في وسط القوس عند المَقْبض. وقيل: هو ما بين المقبض والطرف، ولكل قوس قابان، فاصل الكلام: فكان قابي قوسٍ، فهو على القلب.
وأما أبو ذر، فعند مسلم من حديثه أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: نورٌ أنّى أَراه، بفتح، الهمزة بمعنى كيف، وهمزة أراه وفي رواية: نعد أنّى أُراه، بفتح النون وضم همزة أراه، وعند أحمد عنه قال: رأيت نورًا، وعند ابن خزيمة عنه قال: رآه بقلبه، ولم يره بعينه، وبهذا يتبين مراد أبي ذرٍّ بذكره النور، أي أن النور حال بين رؤيته له ببصره، لا أن الله تعالى نور، حاشاه من ذلك؛ لأنّ النور عرض من الأعراض. ورجح القرطبي في "المفهم" قول الوقف في هذه المسألة، وعزاه لجماعة من المحققين، وقوّاه بأنه ليس في الباب دليل قاطع، وغاية ما استدل به للطائفتين ظواهر متعارضة قابلة للتأويل. قال: وليست المسألة من العمليات، فيكتفى فيها بالأدلة الظنية، وإنما هي من المعتقدات، فلا يكتفى فيها إلا بالدليل القطعيّ، وجنح ابن خُزيمة في كتاب التوحيد إلى ترجيح الإثبات، وأطنب في الاستدلال له، يطول ذكره، وحمل ما ورد عن ابن عباس على أن الرؤيا وقعت مرتين: مرة بعينه، ومرة بقلبه. وفيما أوردناه من ذلك مقنع.
وممن أثبت الرؤية لنبينا -صلى الله عليه وسلم- الإِمام أحمد، فروى الخلال في كتاب السنة له عن المروزيّ قال: قلت لأحمد: إنهم يقولون إن عائشة قالت: من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الفِرية، فبأي شيء يدفع قولها؟ قال: بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: رأيت ربي، قول النبي عليه الصلاة والسلام أكبر من قولها. وحكى النقاش عن أحمد بن حنبل أنه قال: أنا أقول بحديث ابن عباس "بعينه رآه" رآه حتى انقطع نفسه، يعني نفس أحمد بن حنبل، وقد أنكر صاحب الهدى على من زعم أن أحمد قال رأى ربه بعيني رأسه، وهذا من تصرف الحاكي، فإن