وفي حديث أبي سعيد عند ابن إسحاق "فصلى بهم، يعني الأنبياء، ثم أُتي بثلاثه آنية، إناء فيه لبن واناء فيه خمر وإناء فيه ماء، فأخذت اللبن ... الحديث". وفي مرسل الحسن عنده، لكن لم يذكر إناء الماء، ووقع بيان عرض الآنية في رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عند المصنف، كما يأتي في أول الأشربة، ولفظه "أُتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة أُسري به بإيلياء، بإناء فيه خمر وإناء فيه لبن، فنظر إليهما، فأخذ اللبن، فقال له جبريل: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غَوَت أمتك" وهو عند مسلم عن أنس وعند البيهقي "فعرض عليه الماء والخمر واللبن، فأخذ اللبن، فقال له جبريل: أصبت الفطرة، ولو شربت الماء لغرقت وغرقت أمتك، ولو شربت الخمر لغويت وغوت أمتك".

ويجمع بين هذا الاختلاف إما يحمل "ثم" على غير بابها من الترتيب، وإنما هي بمعنى الواو هنا، وإما بوقوع عرض الآنية مرتين، مرة عند فراغه من الصلاة ببيت المقدس، وسببه ما وقع له من العطش، ومرة عند وصوله إلى سدرة المنتهى ورؤية الأنهار الأربعة. وأما الاختلاف في عدد الأنية وما فيها، فيحمل على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر، ومجموعها أربعة آنية، فيها أربعة أشياء، ومن الأنهار الأربعة التي رآها تخرج من أصل سدرة المنتهى.

وفي حديث أبي هريرة عند الطبريّ لما ذكر سدرة المنتهى "يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسنٍ، ومن لبن لم يتغير طعمه، ومن خمر لذة للشاربين، ومن عسل مصفى. فلعله عرض عليه من كل نهر إناء. وجاء عن كعب أن نهر العسل نهر النيل، ونهر اللبن نهر جيحان، ونهر الخمر نهر الفرات ونهر الماء سيحان. وقوله: ثم دخلت الجنة، فإذا فيها حبائل اللؤلؤ، كذا وقع لجميع الرواة في هذا الموضع بالحاء المهملة ثم الموحدة وبعد الألف تحتانية ثم لام، وذكر كثير من الأئمة أنه تصحيف، وإنما هو جنابذ، بالجيم والنون وبعد الألف موحدة ثم ذال معجمة، كما عند المصنف في أحاديث الأنبياء، وعند غيره من الأئمة. وفي نسخة معتمدة من رواية أبي ذرٍّ في هذا الموضع "جنابذ" على الصواب، ولعلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015