وأما رواية الأباط فقال الشافعيّ وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكل تيمم صح للنبي عليه الصلاة والسلام بعده فهو ناسخ، وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به، ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كونُ عمّار كان يفتي بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولاسيما الصحابي المجتهد. ومذهب أبي حنيفة والشافعيّ وجوب ضربتين: ضربة لوجهه، وضربة ليديه. ووجوب المسح إلى المرفقين قياسًا على الوضوء، لحديث أبي داود "أنه عليه الصلاة والسلام تيمم بضربتين مسح بإحداهما وجهه" وروى الحاكم والدارقطنيّ عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين" والقياس على الوضوء دليل على أن المراد بقوله في حديث عمار "وكفيه إلى المرفقين" وبقول أحمد.

وقال إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن خزيمة، وقال النوويّ رواه أبو ثور وغيره عن الشافعيّ في القديم قال: هذا القول وإن كان مرجوحًا فهو القوي في الدليل، وقال النوويّ في شرح مسلم في الجواب عن هذا الحديث: إن المراد به بيان صورة الضرب للتعليم، وليس المراد به بيان جميع ما يحصل به التيمم، وتُعُقب بأنّ سياق القصة يدل أن المراد به بيان جميع ذلك؛ لأن ذلك هو الظاهر من قوله "إنما يكفيك" وأما ما استدل به من اشترط بلوغ المسح إلى المرفقين من أن ذلك مشترط في الوضوء، فجوابه أنه قياس في مقابلة النص، فهو فاسد الاعتبار، وقد عارضه من لم يشترط ذلك بقياس آخر، وهو الإطلاق في آية السرقة، ولا حاجة لذلك مع وجود هذا النص، وسياق هؤلاء يدل على أن التعليم وقع بالفعل.

ولمسلم عن يحيى بن سعيد والإسماعيليّ عن يزيد بن هارون أن التعليم وقع بالقول، ولفظهم "إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض" زاد يحيى "ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك" واستدل بالنفخ على سقوط استحباب التكرار في التيمم، لأن التكرار يستلزم عدم التخفيف، وعلى أن من غسل رأسه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015