أمر عمر أيضًا بقضائها دليل لمن قال إن فاقد الطهرين لا يصلي ولا يقضي، كما مرَّ عن مالك.

وقوله: إنما كان يكفيك هكذا، وللحموي والمستملي "هذا" وقوله: وضرب بكفيه الأرض، في رواية غير أبي ذَرٍّ "فضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفيه الأرض" وللأصيلي "في الأرض". وقوله: ونفخ فيهما، وفي رواية حجاج الآتية "ثم أدناهما من فيه" وهو كناية عن النفخ فيهما، إشارة إلى أنه كان نفخًا خفيفًا ويأتي في رواية أبي معاوية "ثم نفضها" بدل نفخ فيهما، والمراد تخفيف التراب إذا كان كثيرًا، فعند المالكية يستحب النفض الخفيف، بحيث لا يزيل ما تعلق بهما من الغبار؛ لأنه يندب نقل الغبار إلى الوجه عندنا.

وقوله: ومسح بهما وجهه وكفيه، قال في الفتح: فيه دليل على أن الواجب في التيمم هو الصفة المشروحة، أي من كونه ضربة واحدة، ومن الاقتصار على الكفين. قال: والزيادة على ذلك، لو ثبتت بالأمر، دلت على النسخ ولزم قبولها، لكن إنما وردت بالفعل، فتحمل على الأكمل. وهذا هو الأظهر من حيث الدليل. وذهب مالك وأحمد إلى هذا، فلا يجب عندهما المسح إلى المرفقين، ولا الضربة الثانية. لكن عند المالكية يسن المسح إلى المرفقين، والضربة الثانية يمسح بها يديه فقط. ولا يقال يلزم على هذا مسح الواجب بما هو سنة؛ لأنا نقول أثر الواجب باقٍ من الضربة الأولى مضافة إليه الضربة الثانية، بدليل أنه لو تركها وفعل الوجه واليدين معًا بالأُولى أجزأه. ويعيد المقصر على كوعيه في الوقت ندبًا دون المقتصر على الضربة الواحدة، لقوله: القول القائل بوجوب المسح إلى المرفقين عندنا، بخلاف الضربة الثانية، فالقول القائل بوجوبها ضعيف. قال في الفتح: والأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم، وحديث عمار، وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه. والراجح عدم رفعه، فأما حديث أبي جُهيم فورد بذكر الكفين في الصحيحين، وبذكر المرفقين في السنن. وفي رواية إلى نصف الذراع، وفي رواية إلى الأباط، فأما رواية المرفقين ونصف الذراع ففيهما مقال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015