ويأتي في المغازي أن البخاري يرى أن غزوة ذات الرقاع كانت بعد قدوم أبي موسى، وقدومه كان وقت إسلام أبي هريرة، ومما يدل على تأخر القصة أيضاً، عن قصة الإِفك، ما رواه الطبرانيّ عن عبَاد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت: لما كان من أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا، خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أخرى، فسقط أيضًا عقدي حتى حبس الناس على التماسه، فقال لي أبو بكر: يا بنية، في كل سفرة تكونين عناء وبلاء على الناس، فأنزل الله عز وجل الرخصة في التيمم، فقال أبو بكر: إنك لمباركة ثلاثًا، وفي إسناده محمد بن حميد الرازيّ فيه مقال.

ففي هذا الحديث التصريح بأن ضياع العقد كان مرتين في غزوتين، وقد جنح البخاري في التفسير إلى تعددها حيث أورد حديث الباب في تفسير المائدة، وحديث عروة في تفسير النساء، فكأن نزول آية المائدة بسبب عقد عائشة، وآية النساء بسبب قلادة أسماء. قلت: فعلى هذا يكون التيمم نزل في غزوتين مختلفتين. قال في الفتح: واتحاد القصة أظهر، ولم يظهر لي ظهوره مع ما ذكر مما هو قال على التعدد صريحًا. وقوله: فبعثنا البعير، أي أثرنا البعير الذي كنت عليه حالة السفر. وقوله: فأصبنا العقد تحته، أي وجدناه. وهو ظاهر في أن الذين توجهوا في طلبه أولًا لم يجدوه.

وفي رواية عروة الآتية في الباب الذي يليه: فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلًا فوجدها، أي القلادة. وللمصنف في فضل عائشة ومسلم "فبعث ناسًا من أصحابه في طلبها" ولأبي داود "فبعث أسيد بن حُضير وناسًا معه وطريق الجمع بين هذه الروايات أن أسيدًا كان رأس من بَعث لذلك، فلذلك سمي في بعض الروايات دون غيره. وكذا أسند الفعل إلى واحد بهم، وهو المراد به، وكأنهم لم يجدوا العقد أولًا، فلما رجعوا، ونزلت آية التيمم، وأرادوا الرحيل وأثاروا البعير، وجده أسيد بن حُضَير. فعلى هذا، فقدله في رواية عروة الآتية "فوجدها" بعد جميع ما تقدم من التفتيش وغيرها.

وقال النوويّ: يحتمل أن يكون فاعل وجدها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد بالغ الداودي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015