لقوله "آية التيمم"، أو بدلًا.

واستدل بالآية على وجوب النية في التيمم؛ لأن معنى "فتيمموا" فاقصدوا، وقد مرَّ الكلام على ذلك عند حديث "إنما الأعمال بالنيات" في آخر كتاب الإيمان. ووجوبها فيه هو قول فقهاء الأمصار إلاّ الأوزاعي. واستدل به على أنه يجب عليه قصد التراب، ولا يكفي هبوب الريح به، بخلاف الوضوء، كما لو أصابه مطر فنوى الوضوء به، فإنه يجزىء، والأظهر الإجزاء لمن قصد التراب من الريح الهابّة، بخلاف من لم يقصد، وهو اختيار الشيخ أبي حامد، قاله في الفتح. وعند المالكية إذا قصد التيمم بما هب في كفيه من إلقاء الريح حتى سترهما، فيه وجهان: الإجزاء وعدمه. واستظهر عليّ الأجهوريّ أنه لابد من وضع اليدين على الأرض، ويأتي الكلام على المراد بالصعيد الطيب، وعلى التيمم لكل فريضة، وعلى كيفية التيمم.

وقوله: ما هي بأول بركاتكم، بل مسبوقة بغيرها من البركات، والمراد بأبي بكر نفسه وأهله وأتباعه. وفيه دليل على فضل عائشة وأبيها، وتكرار البركة منها. وفي رواية عمرو بن الحارث: لقد بارك الله للناس فيكم وفي تفسير إسحاق البستي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: "ما كان أعظم بركة قلادتك" وفي رواية عروة الآتية قريبًا "فوالله ما نزل بك من أمر تكرهينه إلاّ جعل الله فيه للمسلمين خيرًا وفي النكاح إلاّ جعل الله لك منه مخرجًا وجعل للمسلمين فيه بركة" وهذا يشعر بأن هذه القصة كانت بعد قصة الإفك، فيقوي قول من قال بتعدد ضياع العقد.

وممن جزم بذلك محمد بن حبيب الأخبازيّ فقال: سقط عقد عائشة في غزوة ذات الرقاع، وفي غزوة بني المصطلق. وقد اختلف أهل المغازي في أي هاتين الغزوتين كانت أولًا، وقال الداوديّ: كانت قصة التيمم فني غزاة الفتح، ثم تردد في ذلك، وقد روى ابن أبي شَيبة عن أبي هريرة قال: لما نزلت آية التيمم لم أدرِ كيف أضع الحديث. وهذا يدل على تأخرها عن غزوة بني المصطلق؛ لأن إِسلام أبي هريرة كان في السنة السابعة، وهي بعدها بلا خلاف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015