وقال ابن درستُوَيْه: معنى الإحداد: منع المُعْتَدّة نفسَها الزينةَ، وبدنَها الطيبَ، ومنع الخُطّاب خطبتها والطمع فيها، كما منع الحد المعصية.
وقال الفّراء: سمي الحديد حديدًا للامتناع به، أو لامتناعه على محاوله، ومنه: تحديد النظر بمعنى امتناع تقلبه في الجهات، ويُروى بالجيم.
قال الخطابي: يُروى بالجيم والحاء، وبالحاء أكثر، والجيم مأخوذ من جَدَّدْتُ الشيء إذا قطعته، فكأن المرأة انقطعت عن الزينة.
وقوله: "على ميِّت فوق ثلاث"، يعني به: الليالي مع أيامها، جمعًا بين روايتي الحديث؛ لأن في إحدى روايتيه "ثلاث ليال"، وفي أخرى "ثلاثة أيام"، فجمع بينهما بإرادة الليالي بأيامها، خلافًا للأوزاعي القائل: إنها تَحُدُّ ثلاث ليال فقط، فإن مات في أول الليل، أقلعت في أول اليوم الثالث، وإن مات في أثناء الليل، أو في أول النهار، أو في أثنائه، لم تقلع إلا في صبيحة اليوم الرابع، ولا تلفيق.
وقوله: "إلاَّ على زوج"، وفي رواية الحموي والمستملي: "إلاَّ على زوجها"، فالأولى موافقة: للفظ: "نحُدُّ" بالنون، والثانية موافقة لرواية: "تَحُدُّ" بالغيبة، أو توجه الثانية أيضًا على رواية النون، بأن الضمير يعود على الواحدة المندرِجَة في قولها: "كنا نُنهى" أي: كل واحدة منهن تُنهى أن تَحُدَّ فوق ثلاث، إلاَّ على زوجها.
وسواء دخل الزوج بها أو لم يدخل، كبيرة كانت أو صغيرة، حرة أو أمة، مسلمة أو كتابية.
وخالف الحنفية في الصغيرة، فقالوا: لا إحداد عليها، تمسُّكًا بمفهوم قوله في الحديث: "لا يَحِلُّ لامرأة". قالوا: إن الصغيرة ليست بامرأة، وإنها غير مكلفة.
وأجاب الجمهور عن التقييد بالمرأة بأنه خرجَ مخرجَ الغالب، وعن كونها