وهو مُتَمَسَّكٌ لمن قال بوجوبه.
واستدل ابن العربي وابن خُزَيْمة على عدم الوجوب بحديث ابن عباس مرفوعًا: "إنما أمرت بالوضوء إذا قُمتُ إلى الصلاة". وقد مر ذكره في باب: إذا جامع ثم عاد.
وقدح ابن رشد المالكي في هذا الاستدلال.
وقال ابن العربي: قال مالك والشافعي: لا يجوز للجُنُب أن ينام قبل أن يتوضأ. واستنكر بعض المتأخرين هذا النقل قائلًا: لم يقل الشافعي بوجوبه ولا مالك.
ويمكن أن يُجاب عن ابن العربي بأن كلامه محمول على أنه أراد نفي الإِباحة المستوية الطرفين، لا إثبات الوجوب، أو أراد أنه واجب وجوب سنة، أي: متأكد الاستحباب، بدليل أنه قابله بقول ابن حَبيب، وهذا موجود في عبارات المالكية كثيرًا.
ونقل الطحاوي عن أبي يوسُف أنه ذهب إلى عدم الاستحباب، وتمسك بما رواه أبو إسحاق عند أبي داود وغيره عن عائشة: "أنه عليه الصلاة والسلام كان يُجْنِب ثم ينام ولا يَمَسُّ ماء".
وتُعُقِّب بأن الحفاظ قالوا: إن أبا إسحاق غَلِطَ فيه، وبأنه لو صح حُمل على أنه ترك الوضوء لبيان الجواز لئلا يُعتقد وجوبه. أو معنى قوله: "لا يمسُّ ماء" أي: للغُسل.
وذهب آخرون إلى أن الوضوء المأمور به هو غسل الأذى وغسل ذَكَره ويديه، وهو التنظيف. وجَنَح الطحاويُّ إلى هذا، واحتج بأن ابن عمر راوي الحديث -وهو صاحب القصة- كان يتوضأ وهو جُنُب ولا يغسِلُ رِجليه كلما رواه مالك في "الموطأ" عن نافع.
وأجيب بأنه ثبت تقييد الوضوء بالصلاة من روايته ورواية عائشة، فَيُعتمد،