الاثنين أَبْعَدُ، ولا يَخلوَنَّ رَجُلٌ بامرأةٍ فإنَّ الشَّيطانَ ثالثُهم، وَمَنْ سرَّتْه حَسَنَتُهُ وساءَتْه سيِّئَتُهُ فهو مؤمنٌ".
قال في "فتح الباري": القرن أهل زمان واحد متقارب، اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة، ويطلق على مدة من الزمن، واختلفوا في تحديدها من عشرة أعوام إلى مئة وعشرين، لكن لم أر من صرح بالتسعين ولا بمئة وعشرة، وما عدا ذلك فقد قال به قائل، وقال صاحب "المحكم": هو القدر المتوسط من أعمار أهل كل زمن، وهذا أعدل الأقوال، المراد بقرن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابق الصحابة، وهم المقصودون في حديث بُريْدَةَ عند أحمد: "خيرُ هذهِ الأُمة القرنُ الذين بُعِثْتُ فيهم". وحديث: "بُعِثتْ مِنْ خَيرِ قُرونِ بَني آدمَ".
وقد ضبط الأئمة من الحفاظ آخر من مات من الصحابة على الِإطلاق بلا خلاف أبو الطُّفَيْل عامر بن واثِلَةَ الَّلْيثِيُّ كما جَزَمَ به مسلم، وكان موتهُ سنة مئة على الصحيح، وقيل: سنة سبع ومئة، وقيل: سنة عشر ومئة، وهو الذي صححه الذَّهبِيُّ، وهو مطابق لقوله - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته بشهر: "على رأس مئة سنة لا يبقى على وجهِ الأرْض ممَّنْ هُو عليها اليوم أحدٌ". وفي رواية مسلم: "أرأيتكم لَيْلَتَكُم هذه، فإنه ليس من نفسٍ منفوسةٍ تأتي عليها مئة سنة". وأما ما ذكر أن عِكْراشَ بن ذؤيب عاش بعد يوم الجمل مئة سنة، فذلك غير صحيح، كما نص عليه الأئمة. وأما آخر الصحابة موتًا بالِإضافة إلى النواحي: فقد أفردهم ابن مَنْدَةَ.
وقوله: "ثمَّ الذينَ يلونُهم" فهم أهل القرن الذين بعدهم، وهم التابعون، "ثم الذين يلونهم" وهم أتباع التابعين، وقرن التابعين إن اعتبر من سنة مئة كان نحو السبعين أو الثمانين، وأما الذين بعدهم فإن اعتبر منها كان نحوًا من خمسين فظهر بهذا أن مدة القرن تختلف باختلاف أعمار أهل كل زمان، والله تعالى أعلم.
واتفقوا أن آخر من كان من أتباع التابعين، ممن يقبل قوله، من عاش