إيصال الماء إلى جميع البدن، وكان عليه الصلاة والسلام سيد الورعين، وأتقى الناس لله، وأعلمهم به، وقد اكتفى بالصاع، فأشار جابر إلى أن الزيادة على ما اكتفى به تَنَطُّع، فلا يكون مثاره إلا وسوسة، فلا يُلتفت إليه.
وقوله: "يُعَرِّض بالحسن" التعريض غير التصريح، وهو في الاصطلاح كناية سيقت لموصوف غير مذكور، وفي "الكشاف": هو أن تذكر شيئًا تدُلُّ به على شيء لم تذكره، وسقطت عند ابن عساكر الموحدة من قوله: "بالحسن".
وقوله: "ثلاث أكف"، ولكريمة: "ثلاثة أكف" بالتاء، وهي جمع كف، والكف تذكَّر وتؤنث، والمراد أنه يأخذ في كل مرة كفين، ويدل على ذلك رواية إسحاق بن راهَويه عن محمد بن جَعْفر عن أبيه: "وبسط يديه"، ويؤيده حديث جُبَيْر بن مُطْعِم المار، والكف اسم جنس، فيُحمل على الاثنين.
وقوله: "ويفيضها" بالواو، وللكشميهني والأصيلي: "فيفيضها" بالفاء.
وفي قوله: "كان" دلالة على استمرار ملازمته عليه الصلاة والسلام ثلاثة أكف في غسل الرأس، وأنه يُجزىء وإن كان كثير الشعر.
وقوله: "ثم يفيض على سائر جسده"، قال القسطلاني: محذوف مفعوله، تقديره: الماء على سائر جسده، يعني مع اعتبار العدد وعدم اعتباره على ما مرَّ.
وقوله: "أكثر منك شعرًا" يعني: وقد كفاه ذلك، وقد مرَّ لك قريبًا أن السؤالين في الحديثين أحدهما عن الكمية، والثاني عن الكيفية، وقد تعقبه العيني بأن لفظة: "كيف" في السؤال السابق مطوية اختيارًا؛ لأن السؤال في الحالين عن حالة الغُسل وصفته، والجواب في الموضعين بالكمية؛ لأنه هناك قال: "يكفيك صاع"، وهنا قال: "ثلاثة أكف"، وكل منهما كم.
الأول: أبو نُعيم الفضل بن دُكَيْن مرَّ في السادس والأربعين من كتاب الإيمان. ومرَّ أبو جعفر الباقِر بعد الأربعين من كتاب الوضوء في باب من لم ير