حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}.
قوله: {الصَّلَاةِ} أي: نفسها أو مواضعْها، ورُدَّ هذا بأنه يقال في اللغة: لا تَقْرَب كذا بفتح الراء، أي: لا تلتبس بالفعل، وإن كان معناه لا تدنُ من الموضع، فهو بضم الراء.
وقوله: {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} أي: من الشرب.
وقوله: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} أي: اجتنبوها حال السكر، نزلت في جمع من الصحابة شربوا الخمر قبل تحريمها. عند ابن عوف، وتقدم علي للإمامة، وقرأ: قُل يا أيُّها الكافرونَ أعبدُ ما تعبدونَ ونحنُ نعبدُ ما تعبدونَ. فنزلت. أخرجه أبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، والحاكم وصححه، وقال الضحّاك: عني به سكر النوم لا سكر الخمر.
وقوله: {وَلَا جُنُبًا} أي: ولا تقربوا الصلاة أو مواضعها جنبًا، فهو منصوب على الحال، عطف على: {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} لأن الجمل التي لها محل من الإعراب في حكم المفردات.
وقوله: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} أي: مجتازي سبيل، أي إلا مسافرين، فتيمموا وصلّوا وأنتم جُنب؛ لأن التيمم يبيح الصلاة ولا يرفع الحدث، وهوحال مُقدَّرة للفعل المقيد بالحال، كأنه قال: لا تقربوا الصلاة في حال الجنابة إلا ومعكم حال أخرى تُعذرون فيها وهي كونكم مسافرين. وفيه إيماء إلى أن سائر الأعذار مثل السفر، وذَكَره لأنه الغالب، فلا يُنافي هذا الحصر ما يُذكر بعد من الموجبات، ويجوز أن يكون وصفًا للحال، أي: جُنبًا غير عابري سبيل.
وقوله: {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} غاية للنهي، وفيه إشعار بوجوب النية في الغُسل، إذ لفظ اغتسل يقتضي الاكتساب، ولا يكون إلا مع النية، خلافًا للحنفية،