حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم وقال: "لا تُنْزعُ الرحْمَةُ إلَّا مِنْ شَقِيٍّ، ومن الترحم أن تُحِبَّ لكل مسلم ما تُحِبَّ لنفسك، وتكرهَ له ما تكره لنفسك، وتلقاه بوجه طَلْقٍ، مع بَذْل السلام وطيب الكلام، وبذل المعروف.
والآية في جميع أصحابه عند الجمهور، وقيل: في أهل الحديبية، وفيها إشارة إلى ما غلب من الصفات في كل واحد من الخلفاء كالمعية مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أبي بكر، والشدة على الكفار في عمر بن الخطاب وعلي ابن أبي طالب، والرحمة على المؤمنين في عثمان بن عفان، رضي الله عنهم أجمعين.
ثم أثنى عليهم بكثرة الأعمال مع الإخلاص التامِّ، فمن نظر إليهم أعجبه سمتهم وهديهم لخلوص نياتهم وحسن أعمالهم.
قال مالك: بلغني أن النصارى كانوا إذا رَأَوُا الصحابة الذين فتحوا الشام، يقولون: والله لَهؤلاء خيرٌ من الحواريين فيما بلغنا، وصدقوا، فإن هذه الأمة المحمدية، خصوصًا الصحابة، لم يزل ذكرهم مُعَظَّمًا في الكتب، كما قال تعالى: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح: 29]، أي: أفراخه التي تَنْبُتُ حوله؛ {فَآزَرَهُ} شده وقواه، {فَاسْتَغْلَظَ} شَبَّ وطال، واستحكم غِلْظَةً بعد الرقة، {فَاسْتَوَى} قوي واستقام، {عَلَى سُوقِهِ} قصبه، جمع ساق، {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} قوته وغلظه وحسن منظره مثل الصحابة، رضي الله عنهم، في ذلك لأنهم بدؤوا في قلة وضعف، فكثرُوا وقَووا على أحسن الوجوه، فآزروه عليه الصلاة والسلام، وأيدوه ونصروه، فهم معه كالشطء مع الزَّرْعِ، {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}. ومن هذه الآية انتزع مالك، رحمه الله تعالى، في رواية عنه، تكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة، قال: لأنهم يغيظونهم، ومن غاظه الصحابة فهو كافر، وقد وافقه على ذلك جماعة من العلماء.