من أصحاب الكتب المعتمدة من لم يخرجه سوى مالك، فإنه لم يخرجه في "موطئه" ووهم ابن دِحْية، فقال الحافظ في إملائه على هذا الحديث: أخرجه مالك في "الموطأ"، ورواه الشافعي عنه، وهذا عجيب منه.
قلت: وافق ابن حَجَر في كون الإِمام مالك لم يخرجه في الموطأ، وذلك سهو منهما، فقد أخرجه محمَّد بن الحسن في "موطئه" عنه.
2 - باب * حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها -، أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ - رضى الله عنه - سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ - وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ - فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلاً، فَيُكَلِّمُنِي، فَأَعِي مَا يَقُولُ». قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها -: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا.
[الحديث 2 - طرفه في 3215].
قوله: "أم المؤمنين أن الحارث بن هشام - رضي الله تعالى عنه - سأل .. الخ" إنما قيل للواحدة منهن: أم المؤمنين للتغليب، وإلا فلا مانع من أن يقال لها: أم المؤمنات: وسيأتي في تعريف عائشة استيفاء الكلام على هذا المنزع.
وقولها: "سأل" يحتمل أن تكون عائشة حضرت ذلك، فيكون من مسندها، ويحتمل أن يكون الحارث أخبرها بذلك، فيكون من مرسل الصحابة، ويأتي الكلام عليه في آخر الكلام على هذا الحديث.
وقوله: "كَيْفَ يأتيكَ الوحيُ" يحتمل أن يكون المسؤول عنه صفة الوحي نفسه، ويحتمل أن يكون صفة حامله، أو ما هو أعم من ذلك.