إليه قريش، فسميت يومئذ قريشًا لحال تجمعها، والتَّقَرُّشُ: التجمع، وقيل: لتلبسهم بالتجارة، وقيل: لأن الجد الأعلى، وهو النضر، جاء في ثوب واحد متجمعًا فيه، فسمي قريشًا، وقيل: إنه جاء إلى قومه، فقالوا: كأنه جمل قَرِيش أي شديد. وحكى الزبير بن بَكّار عن عمه مصعب أن أول من تسمى قريشًا قُريش بن بدر بن مَخْلد بن النَّضر بن كِنانة، وكان دليل بني كنانة في حروبهم، فكان يقال: قدمت عير قريش، فسميت قريش به قريشًا، وأبوه بدر، صاحب بدر الموضع المعروف، وقال المُطرزي: سميت قريش بدابة في البحر هي سيدة الدواب البحرية، وكذلك قريش سادة الناس قال الشاعر:
وقُرَيْشٌ هِيَ الَّتي تَسْكُنُ البَحْـ ... ـرَ بِها سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا
تَأُكُلُ الغَثَّ والسَّمينَ وَلاَ ... تَتَّرِكْ فيه لِذي جَنَاحَيْنِ رِيشَا
هكذا في البلادِ حَتّى قُرَيْش ... يَأْكُلُونَ البِلادَ أَكْلًا كَميشا
وَلَهُمْ آخِر الزَّمَان نَبِيٌّ ... يَكْثِرُ القتَلَ فيهم والخُموشا
وقال صاحب المحكم: قريش دابة في البحر، لا تَدَعُ دابة في البحر إلا أكلتها، فجميع الدواب تخافها، وهي القِرْش -بكسر القاف- وقريش تصغيرها، فقد أخرج البيهقي من طريق ابن عَبّاس، قال: قريش تصغير قِرْش وهي دابة في البحر، لا تمر بشيء من غث ولا سمين إلا أكلته، وقيل: سميت قريشًا لأنهم كانوا يَقْرُشُونَ أي يفتشون عن خَلة الناس وحاجتهم، فيسدونها. والتقريش: هو التفتيش، وقيل سمُّوا بذلك لمعرفتهم بالطعان. والتقريش وقع الأسِنة، وقيل: التقرش: التنزه عن رذائل الأمور، وقيل: هو من أقرشت الشَّجَّةُ، إذا صَدَّعت العظم، ولم تُهَشِّمْهُ. وقيل: أقرش بكذا: إذا سعى فيه فوقع له، وقال الزُّهري: إنما نبزت فهرًا أمه بقريش كما يسمى الصبي غرارة وشملة وأشباه ذلك، وقيل غير هذا في سبب تسميتها قريشًا.
وقد أكثر ابن دِحية من نقل الخلاف في سبب تسميتها بذلك. وهذا عمدة ما ذكروه.