الإحرام، وهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم. وجمهور أهل اللغة على أن في كل قدم كعبين، ويؤيده ما روى ابن أبي شيبة عن عُروة قال "إذا اضطر المحرم إلى الخُفين خَرَق ظُهورهما، وترك فيهما قدر ما يستمسك رجلاه". وقال محمد بن الحسن ومن تبعه من الحنَفية: الكعب هنا هو العظم الذي في وسط القدم عند معقد الشراك. وظاهر الحديث أنه لا فدية على من لبسهما إذا لم يجد النعلين. وعن الحنفية تجب، وتُعُقِّب بأنها لو وجبت لَبيَّنها النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم, لأنه وقتُ الحاجة.
واستدل به على اشتراط القطع خلافًا للمشهور عن أحمد، فإنه أجاز لبس الخفين من غير قطع، لإِطلاق حديث ابن عباس، حيث قال فيه: "من لم يجد نعلين فليلبس الخفين" وتُعُقِّب بأنه موافق على قاعدة حمل المطلق على المقيد، فينبغي أن يقول بها هنا، فيحمل المطلق على المقيَّد، ويلحق النظير بالنظير لاستوائهما في الحكم.
وقال ابن قُدامة: الأَوْلى قطعهما عملًا بالحديث الصحيح، وخروجًا من الخلاف، وأجاب غيره من الحنابلة بأشياء منها دعوى النسخ في حديث ابن عمر، فقد روى الدارقطني عن عمرو بن دينار أنه روى عن ابن عمر حديثه، وعن جابر بن زيد عن ابن عباس حديثه، وقال: انظروا أي الحديثين قَبْل,. ثم حكى عن أبي بكر النَّيسابوريّ أنه قال: حديث ابن عمر قَبْل؛ لأنه كان بالمدينة قبل الإِحرام، وحديث ابن عباس بعرفات، وأجاب الشافعيّ في الأم عن هذا فقال: كلاهما صادق حافظ، وزيادة ابن عمر لا تخالف ابن عباس، لاحتمال أن تكون عُزِبت عنه، أوشك، أو قالها، فلم يقلها عنه بعض رواته.
وسلك بعضهم الترجيح بين الحديثين، قال ابن الجَوْزيّ: حديث ابن عمر اختلف في رفعه ووقفه، وحديث ابن عباس لم يختلف في رفعه، وهو تعليل مردود، بل لم يختلف على ابن عمر في رفع الأمر بالقطع إلا في