قال مالك في الموطأ: إنما يكره لبس المصبغات لأنها تنغض، وقال الشافعية: إذا صار الثوب بحيث لو أصابه الماء لم تفح له رائحة، لم يمنع. والحجة فيه حديث ابن عباس عند المصنف في آخر الحج "ولم ينه عن شيء من الثياب إلاَّ المزعفرة التي تَرْدَعُ الجلد" وأما المغسول، فقال الجمهور: إذا ذهبت الرائحة جاز خلافاً لمالك، واستدلوا بما رواه أبو معاوية عن عُبيد الله بن عمر عن نافع في هذا الحديث "إلا أن يكون غسيلًا". وهذه الزيادة شاذة, لأنها عن أبي معاوية والحَمَّانيّ، وأبو معاوية مضطرب الحديث في عُبيد الله، ولم يجيء بهذه الزيادة غيره، والحَمَّانيّ ضعيف، واستنبط من منع لبس الثوب المزعفر منه أكل الطعام الذي فيه الزعفران وهذا قول الشافعية، وعن المالكية خلاف. وقال الحنفية: لا يحرم؛ لأن المراد اللُّبس والتَّطَيُّب، والأكل لا يسمى متطيبًا.
وقوله: "فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين" وفي حديث ابن عباس "ومن لم يجد إزارًا فليلبس السراويل للمحرم"، زاد معمر في روايته عن الزهريّ زيادة تفيد ارتباط ذكر النعلين بما سبق، وهي قوله: "وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين. فإن لم يجد النعلين، فليلبس الخفين" واستدل بقوله: "فإن لم يجد" على أن واجد النعلين لا يلبس الخفين المقطوعين، وهو قول الجمهور. وعن بعض الشافعية جوازه. وكذا عند الحنفية. وقال ابن العربيّ: إن صارا كالنعلين جاز، وإلا متى سترا من ظاهر الرِّجل شيئًا، لم يجز إلا للفاقد. والمراد بعدم الوجدان أن لا يقدر على تحصيله إما لفقده أو ترك بذل المالك له، أو عجزه عن الثمن إن وجد من يبيعه، أو الأجرة. ولو بيع بغُبن لم يلزمه شراؤه، أو وهب له لم يجب قبوله، إلا إن أُعير له.
وقوله "فليلبس" ظاهر الأمر للوجوب، لكنه لما شرع للتسهيل، لم يناسب التثقيل، وإنما هو للرخصة.
وقوله "وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين" المراد كشف الكعبين في