وتعقبه ابن المنير بأن الذي يباح للضرورة، يشترط حصولها فيه، فلو كان الإذخر مثل الميتة لامتنع استعماله إلا فيمن تحققت ضرورته إليه والِإجماع على أنه مباح مطلقاً من غير قيد الضرورة، ويحتمل أن يكون مراد المهلب أن أصل إباحته كان للضرورة وسببها، لا أنه يريد أنه مقيد بها. قلت: هذا الاحتمال هو الظاهر المتعين، فإن المراد أن أهل مكة في ضرورة دائمًا إلى الإذْخِر، لما ذكر وما ذكر دائم لا ينقطع، وبهذا التقرير يبطل تعقب ابن المنير.

ثم قال ابن المنير: والحق أن سؤال العباس كان على معنى الضراعة، وترخيص النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان تبليغًا عن الله، إما بطريق الإلهام أو الوحي. ومن ادعى أن نزول الوحي يحتاج إلى أمد متسع فقد وهم. وفي الحديث بيان خصوصية النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، بما ذكر في الحديث، وجواز مراجعة العالم في المصالح الشرعية والمبادرة إلى ذلك في المجامع والمشاهد، وعظيم منزلة العباس عند النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، وعنايته بأمر مكة لكونه كان بها. أصلُهُ ومنشؤه. وفيه أن من قتل متأولاً كان حكمه حكم من قتل خطأ في وجوب الدية، لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم "فإنّي عاقله".

رجاله خمسة

رجاله خمسة: الأول أبو نعيم الفضل بن دُكَين مر تعريفه في الحديث السادس والأربعين من كتاب الإيمان وفيه أبو سَلَمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عَوْف، ومر تعريفه بعد الحديث الثالث من بدء الوحي، ومر تعريف أبي هُريرة في الحديث الثاني من كتاب الإِيمان.

والثاني من السند: شَيْبان بن عبد الرحمن، أبو معاوية النَّحْوِي المؤدب البصريّ، مولى بني تميم، سمع الحسن البصريّ، وعبد الملك بن عُمَير وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، والأعمش وخلقًا، وروى عنه أبو حنيفة، وزَائدة بن قُدَامة، وهما من أقرانه، وأبو داود الطَّيالسِيّ، وشبَّابة، ومعاوية بن هشام، وغيرهم. قال العيني: إنه روى عنه علي بن الجَعْد وأبو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015