صاحبها، وهو أضيق من قول الجمهور, لأنه قيدها بحالة للمعرف دون حالة. وقيل: المراد بالمنشد الطالب، حكاه أبو عُبَيْد، وتُعُقِّب بأنه وإن ورد في اللغة، كما حكاه الحربيّ أيضًا وعياض، لا يصح أن يفسر به الحديث هنا. ويكفي في رد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس "لا يلتقط لقطتها إلا مُعَرِّف" والحديث يفسر بعضه بعضًا. واستدل به أيضًا على أن لقطة عَرَفة والمدينة النبوية كسائر البلاد، لاختصاص مكة بذلك.
وحكى الماوَرْديّ في "الحاوي" وجهًا في عرفة أنها تلتحق بحكم مكة, لأنها تجمع الحاج كمكة، ولم يرجح شيئًا، وليس الوجه المذكور في الروضة ولا في أصلها. واستدل به على تعريف الضالة في المسجد الحرام، بخلاف غيره من المساجد، وهو أصح الوجهين عند الشافعية، قاله في الفتح، ولم أفهم وجه الاستدلال من الحديث، والحكم عندنا معاشر المالكية الكراهة مطلقًا.
وقوله: "ومن قتل فهو بخير النظرين" كذا وقع هنا، وفيه حذف وقع بيانه عند المصنف في الديات عن أبي نعيم بهذا الإِسناد "فمن قتل له قتيل" ولا يمكن حمله على ظاهره لأن المقتول لا اختيار له، وإنما الاختيار لوليه، وما قاله العَيْنيُّ من أن هذا التقدير يلزم منه حذف الفاعل خطأٌ صُراح, لأن التقدير هو لفظ الحديث في نفس هذه الرواية, فلا يمكن حمل الحديث على سواه، والتقدير الذي قدره هو مع مخالفته لرواية الحديث ركيكٌ جدًا لا يلتفت إليه. وقوله في رواية الديات: "قتل له قتيل" معناه من قتل له قريب، كان حيًا فصار قتيلًا بذلك القتل، والباء في "بخير النظرين"، متعلق بمحذوف تقديره فهو مرضى بخير النظرين أو عامل أو مأمور وخير النظرين أفضلهما، ثم فسر خير النظرين بقوله: إما أن يعقل، وإما أن يقاد أهل القتيل، أي: إما أن يعطي القاتلُ، أو أولياؤه لأولياء المقتول العَقْل، أي الدية، وإما أن يقاد أي يمكن أهل القتيل من القتل، يقال: أَقَدْتُّ القاتل بالمقتولِ: اقْتَصَصْتُه منه، فالنائب عن الفاعل ضمير