بالخاء المعجمة، أي لا يُحْصد يقال: اختليته: إذا قطعته، ومر ما في قطع الشوك من الخلاف في الحديث السابق.

وقوله "إلا لمنشد" أي مُعَرِّف، وأما الطالب، فيقال له الناشد، يقال: نشدت الضّالة: إذا طلبتها، وأنشدتها إذا عرَّفتها، وأصل الإِنشاد والنشيد رفع الصوت، والمعنى لا تحل لقطتها إلا لمن يريد أن يُعَرفها فقط، فأما من أراد أن يعرِّفها ثم يتملكها، فلا.

واستدل بالحديث على أن لُقطة مكة لا تلتقط للتمليك، بل للتعريف خاصة، وإنما اختصت بذلك عندهم لإِمكان إيصالها إلى ربها, لأنها إن كانت للمكيّ فظاهر، وإن كانت للآفاقيّ فلا يخلو أفق غالبًا من وارد إليها، فإذا عرّفها واجدها في كل سنة سهل التوصل إلى معرفة صاحبها. قاله ابن بطّال. وقال أكثر المالكية وبعض الشافعية: هي كغيرها من البلاد، وإنما تختص مكة بالمبالغة في التعريف, لأن الحاج يرجع إلى بلده وقد لا يعود، فاحتاج الملتقط بها إلى المبالغة في التعريف، واحتج ابن المنير لمذهبه بظاهر الاستثناء, لأنه نفى الحل واستثنى المنشد، فدل على أن الحل ثابت للمنشد, لأن الاستثناء من النفي إثبات. قال: ويلزم على هذا أن مكة وغيرها سواء، والقياس يقتضي تخصيصها. والجواب أن التخصيص إذا وافق الغالب لم يكن له مفهوم، والغالب أن لقطة مكة ييأس ملتقطها من صاحبها، وصاحبها من وجدانها, لتفرق الخَلْق إلى الآفاق البعيدة، فربما داخل الملتقط الطمع في تملكها من أول وهلة، فلا يعرّفها، فنهى الشارع عن ذلك، وأمر أن لا يأخذها إلا من يُعَرِّفها. وفارقت في ذلك لقطة العَسْكر ببلاد الحرب بعد تفرقهم، فإنها لا تعرف في غيرهم باتفاق، بخلاف لقطة مكة، فيشرع تعريفها, لإِمكان عود أهل أُفق صاحب اللقطة إلى مكة، فيحصل التوصل إلى معرفة صاحبها.

وقال إسحاق بن راهْوَيه: قوله "إلا لمنشد" أي لمن سمع ناشدًا يقول: من رأى لي كذا، فحينئذ يجوز لواجد اللقطة أن يعرفها ليردها على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015