سبب، وعلى هذا لو كانت عليه كفارة، وشك في سببها أجزأه إخراجها بغير تعيين.

وفيه زيادة النص على السبب، لأنّ الحديث سيق في قصة المهاجر لتزوج المرأة، فذِكْرُ الدنيا مع القصة زيادة في التحذير والتَّنْفير. وقال شيخ الإِسلام: فيه إطلاق العام، وإن كان سببه خاصًا، فَيُسْتَنْبَطُ منه الإِشارة إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصُوص السبب، ويأتي ذكر كثير من فوائد هذا الحديث في كتاب الإِيمان، حيث قال في الترجمة: فدخل فيه العبادات والأحكام.

تنبيه:

قد مر لك أن الهِجرة بمعنى الانتقال من دار الكفر إلى دار الإِسلام، وجوبها باقٍ إلى يوم القيامة، وذلك لما رواه أبو داود، والنَّسائِيّ من حديث مُعاوية - رضي الله تعالى عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تَنْقَطِعُ الهجرةُ حتى تَنْقَطِعَ التوبةُ، ولا تنقطع التوبةُ حتى تَطْلُعَ الشمسُ من مغرِبِها" وروى أحمد من حديث ابن السعدي مرفوعًا: "لا تَنْقَطِعُ الهجرةُ ما دام العدوُّ يقاتِلُ". وروى أحمد أيضًا من حديث جُنادة بن أبي أمية مرفوعًا: "إن الهِجْرةَ لا تَنْقَطِعُ ما كان الجِهادُ"، وروى أحمد في "مسنده" من حديث معاوية، وعبد الرحمن بن عَوْف، وعبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله تعالى عنهم، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الهِجْرةُ خَصْلتان: إحداهما تهجُرُ السيئات، والأخرى تهاجرُ إلى الله ورسوله، ولا تَنْقَطِعُ الهجرةُ ما تُقُبَّلَتِ التوبةُ، ولا تزالُ التوبةُ مقبولةً حتى تَطْلُعَ الشمسُ من المغرب، فإذا طَلَعَت، طُبعَ على كلِّ قلبٍ بما فيه، وكُفِيَ الناسُ العمل".

وما روي من الأحاديث معارض بما أخرجه الشيخان عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا هجرةَ بعد الفتحِ، ولكن جهادٌ ونيةٌ، وإن استُنْفِرْتُم فانفِرُوا".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015