ويستفاد منه أنّ قتل من أذن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في قتلهم كابن خَطَل، وقع في الوقت الذي أبيح له عليه الصلاة والسلام فيه القتال، خلافًا لمن حمل قوله "ساعة من النهار" على ظاهره، فاحتاج إلى الجواب عن قصة ابن خطل. وقوله "فعادت حرمته اليوم" أي الحكم الذي في مقابلة الإباحة المستفادة من الإذن في اليوم المعهود، وهو يوم فتح مكة، إذ عوْد حرمتها كان في يوم صدور هذا القول لا في غيره. وقوله "كحرمتها بالأمس" أي الذي قبل يوم فتح مكة.
وقد بين غاية التحريم في رواية ابن عباس الماضية، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة. وقوله "وليبلغ الشاهد الغائب" بنصب الغائب على المفعولية، ويجوز كسر لام ليبلغ، وتسكينها. قال ابن جرير: فيه دليلٌ على جواز قبول خبر الواحد, لأنه معلوم أن كل من شهد الخطبة قد لزمه الإِبلاغ، وأنه لم يأمرهم بإبلاع الغائب عنهم إلا وهو لازم له فرض العمل بما أبلغه، كالذي لزم السامع سواء، وإلا لم يكن للأمر بالتبليغ فائدة. وقوله "فقيل لأبي شُريح" ما قال عمرو يعني في جوابك.
قال في "الفتح": لم أعرف اسم القائل، وظاهر رواية ابن إسحاق أنه بعض قومه من خزاعة، وقوله "إن مكة لا تعيذ عاصيًا" بالمثناة الفوقية، والذَّال المعجمة، أي: لا تعصم عاصيًا من إقامة الحد عليه. وفي رواية "إنَّ الحرم لا يُعيذ عاصيًا" وقوله "ولا فارًا بدم" بالفاء وتثقيلِ الراء، أي هاربًا. والمراد من وجب عليه حد القتل ففر إلى مكة مستجيرًا بالحرم من إقامة الحد عليه. والباء في "بدم" للمصاحبة والملابسة، أي متلبسًا بدم وقوله "ولا فارًا بخَرْبة" أي بسبب خربة وهي بفتح المعجمة، ثم راء ساكنة، ثم موحدة، السرقةُ كما في رواية المستملي تفسيرها بذلك، وفي رواية الأصيليّ بضم الخاء، أي الفساد. وقيل: الفساد في الإِبل، وقيل: العيب، وقيل العورة، وقيل بالفتح: أصلها سرقة الإِبل، ثم استعملت في كل سرقة وخيانة. وقال الدَّمامينيّ: هي بكسر الخاء وسكون الراء، وضبطها