على كفره أبدًا لو بقي، فجزاه على نيته، ويحتمل أن يكون المراد منه أن النية خير من عمل بلا نية، إذ لو كان المراد "خير من العمل مع النية" للزم أن يكون الشيء خيرًا من نفسه مع غيره، أو المراد الجزاء الذي هو للنية، خير من الجزاء الذي هو للعمل، لاستحالة دخول الرياء فيها، أو أن النية خير من جملة الخيرات الواقعة بعمله، لأنّ النية فعل القلب، وفعل الأشرف أشرف، أو أن المقصود من الطاعات تنوير القلب، وتنوير القلب بها أكثر، لأنها صفته، أو أن نية المؤمن خير من عمل الكافر، لما قيل: ورد ذلك حين نوى مسلم بناء قَنْطرة، فسبق كافرٌ إليه.
وعن الشافعيِّ أيضًا: أنه يدخل فيه نصف العلم، ووجه بأن للدين ظاهرًا وباطنًا، والنية متعلقة بالباطن، والعمل هو الظاهر، وأيضًا فالنية عبودية القلب، والعمل عبودية الجوارح، وقيل: إنه رُبُعُهُ، قال أبو داود: يكفي الإِنسان لدينه أربعة أحاديث: "الأَعْمالُ بالنِّيَّةَ". و"مِنْ حُسْنِ إسلامِ المَرْءِ تركُهُ ما لا يَعْنيهِ". و"لا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يَرْضى لأخيه ما يَرْضى لنفسِه". و"الحلالُ بَيِّنٌ والحرامُ بَيِّنٌ". وقال غيره غيرها.
وقوله: "على المنبر، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنما الأعمال بالنياتِ .... الخ". المِنبر بكسر الميم من النَّبرة وهي الارتفاع، وأل فيه للعهد أي المِنْبر النبوي المدني، وفي رواية حَمَّاد بن زَيْد عن يحيى في ترك الحيل: سمعت عمر يخطُب.
وقوله: "قال: سمعت رسول الله .... الخ" على حذف أي سمعت كلامه، لأنّ الذات لا تسمع، ويقول: حال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مبينة للمحذوف المقدر، لأنّ سمعت لا يتعدى إلى مفعولين، وقال الأَخْفَشُ: إنها إذا عُلِّقَتْ بغير مسموعٍ تتعدى لمفعولين.
وقوله: "إنّما الأعمالُ .... الخ" إنما تفيد الحصر، واختلف هل إفادتها له بالمنطوق أو المفهوم، وهل تفيده بالوضع أو بالعرف؟ أو تفيده بالحقيقة أو المجاز؟ والصحيح أنها تفيد الحصر المشتمل على نفي