اسم يَقْبلُ الإِضافة، وقول ابن هشام: إن الذي يضاف إلى الجملة ثمانية أسماء، محله في الجملة التي لا يراد بها لفظها.
و"كيف": اسم يُستفهم به في الغالب عن الخبر أو الحال، وهي هنا خبرٌ لكان، إن كانت ناقصة، وحالٌ من فاعلها إن كانت تامةً، ولا بد من تقدير مضاف قبلها، أي: باب جواب كيف كان بدء الوحي، لأنّ المذكور في هذا الباب هو جواب كيف كان بدء الوحي؟ لا السؤال بكيف عن بدء الوحي؟ وجملة كان ومعمولها في محل جر بالإِضافة على إضافة باب لكيف، ولا تخرج كيف بذلك عن الصَّدرِيّة، لأنّ المراد من كون الاستفهام له الصدر، أن يكون في صدر الجملة التي هو فيها، وكيف على هذا الإِعراب كذلك، وعلى عدم الإِضافة، كيف منصوبة على الحال.
وقوله: "بدء الوحي". قال عياض: روي بالهمز مع سكون الدال من الابتداء، وبغير همز مع ضم الدال وتشديد الواو من الظهور، قال في "الفتح": وقع في بعض الروايات كيف كان ابتداء الوحي، وهذا يرجح الأول.
والوحي لغة: الإعلام في خفاء، وشرعًا: إعلام الله تعالى أنبياءه الشيء إما بكتاب، أو برسالة ملك، أو منام، أو إلهام، وقد يجيء بمعنى الأمر نحو: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي} [المائدة: 111]. وبمعنى التسخير {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: 68]، أي: سَخَّرَها لهذا الفعل، وقد يعبر عن ذلك بالإِلهام، لكن المراد به هدايتها لذلك، وإلا فالإِلهام حقيقة إنما يكون لعاقل. والإِشارة نحو {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 11]، وقد يُطلق على المُوحى كالقرآن والسنة من إطلاق المصدر على المفعول، قال الله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4]، ثم قال:
وقول الله جل ذكره: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ