والحديث الاكتفاءَ بسكوته، فاشترطوا اقراره بذلك لفظًا، بل قال صاحب المحصول: إن الشيخ لو أشار برأسه أو أصبعه للإقرار به، ولم يتلفظ، لم يُقبل ذلك. وفيما قاله نظر، والمعتَمد ما مر من الجواز، إن لم يشر. والغاية أنه فات المستحبّ، وهو الإقرار به لفظًا.

ثالثها: في افتراق الحال بين صيغة المنفرد وصيغة من في الجماعة، فاختار الحاكم، وعليه أكثر الشيوخ، أن يقول في حال الأداء: حدثني، إذا كان منفردًا حال السماع عن غيره، وأن يقول: حدثنا، إذا كان وقت السماع معه غيره، وأن يقول فيما تحمله عن شيخه عَرْضًا: أخبرنا بالجمع، إذا سمع منه بقراءة غيره عليه، وأن يقول: أخبرني، إذا كان هو القارىء بنفسه على الشيخ.

واستحسنه ابن وهب والتِّرمِذِيّ، وليس بواجب، ومحل هذا إذا علم صورة حال الأخذ عن الشيخ، أما إذا شك في الأخذ عنه، أكان وحده أو مع غيره، فالأوْلى الوحدة، لأن الأصل عدم غيره، وكذا لوْ شَكّ في أخذه عنه عرضًا، أكان من قبيل "أخبرنا" لكونه مع غيره، أو "أخبرني" لكونه وحده. والأصل عدم غيره، لكن حكى الخطيب عن البرقانيّ أنه كان يقول في هذا: "قرأنا"، لأن سماع نفسه متحقق، وقراءته شاكٌّ فيها، والأصل عدمها. ولأن إفراد الضمير يقتضي قراءته بنفسه، وجمعه يمكن حمله على قراءة بعض السماع، بل لو تحقق أن الذي قرأ غيره، فلا بأس أن يقول: "قرأنا".

وقال يحيى بن سعيد القطَان في مسألة تشبه هذه: إنه يقول فيها "حدثنا" بصيغة الجمع، وهي ما إذا شك الإنسان في لفظ شيخه، أقال: "حدثنا" أو"حدثني". قال ابن الصلاح ومقتضاه الجمع في الأُولى أيضًا. قال: وهو عندي يتوجه بأنّ "حدثني" أكمل مرتبة، فيقتصر في حالة الشيخ على الناقص لأن الأصل عدم الزائد، وهذا تدقيق لطيف. واختار البَيْهَقيّ الإفراد في صورة القَطّان، معللًا بأنه لا يشك في واحد، وإنما الشك في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015