وقال حذيفة حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين.
وقوله: "الصادق المصدوق" يحتمل أن تكون الجملة حالية، وأن تكون اعتراضية، وهو أولى، لتعُمّ الأحوال كلها، وإن ذلك من دأبه وعادته. والصادق معناه المُخْبر بالقول الحق. ويطلق على الفعل، يقال: صِدْق القتال، وهو صادق فيه.
والمصدوق معناه: الذي يُصَدَّق له في القول، يقال: صَدَقْتُه الحديث، إذا أخبرته به إخبارًا جازما، وهذا بالنسبة لإخبار جبريل له، أو معناه: الذي صدَقَهُ الله وعَدَهُ، أو الذي صدَّقه الناس فيما أخبرهم به.
وقال الكرمانيّ: لما كان مضمون الخبر الذي هو تكوين الجنين، وتطويره إلى أطوار أمرًا مخالفًا لما عليه الأطباء، أشار بذلك إلى بُطلان ما ادَّعَوه. ويحتمل أنه قال ذلك تَلَذُّذًا به وتبركًا وافتخارًا، ويؤيده وقوع هذا اللفظ بعينه في حديث أنس، وليس فيه إشارة إلى بُطلان شيء يخالف ما ذكر، وهو ما أخرجه أبو داود من حديث المُغيرة بن شُعْبَة: سَمعتُ الصادق المصدوق يقول: "لا تُنْزَعُ الرحمة إلا من شقيٍّ" ويأتى في علامات النبوة من حديث أبي هريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: "هلاك أُمَّتي على يدي أُغَيْلِمةٍ من قريش"
وابن مسعود المراد به عبد الله، وقد مر في الأثر الثالث من كتاب الإيمان قبل ذكر حديث منه، وهذا التعليق طرف من الحديث المشهور في خلق الجنين، وقد أوصله البخاريّ في كتاب القَدَر.
وأما شقيق فقد مرّ أيضًا في الحادي والأربعين من كتاب الإيمان، وتعليقه أوصله البخاريّ في الجنائز.
وتعليق حُذَيْفَة أوصله البُخاريّ في كتاب الرِّقاق، وساق التعاليق الثلاثة تنبيها على أن الصحابي تارةً يقول: "حدثنا"، وتارة يقول: "سمعت" فدل على عدم الفرق بينهما.