كواشف زيوف (صفحة 52)

أنفسهم كل حظوظها من الاستمتاع بأنواع لذات الحياة الدنيا.

ثمّ لما صار لهم سلطان قوي على الشعب المسيحي من القاعدة إلى القمة، وملكوا الأموال الكثيرة، ووسائل الاستمتاع الوفيرة، وضعف تأثير التعاليم والتوجيهات المسيحية في نفوسهم، انطلقت فطرهم على سجيتها، وتفجرت شهواتهم تتطلب إشباعها، فأخذوا ينافسون ويسابقون العصاة وأرباب الفجور من عشاق زينة الحياة الدنيا، وطلاب متاعها ولذاتها.

وانطلقت الألسنة تلهج باتهام رجال الكنيسة بارتكاب كبائر الإثم، ومقارفة المنكرات، والانغماس في الموبقات، حتى دركة الفجور بمختلف أنواعه وأشكاله، وانطلقت الألسن باتهامهم بفساد الأخلاق واستغلال سلطتهم الدينية لإشباع شهواتهم، وتحقيق أهوائهم.

وصار الإسراف الشديد والبذخ الزائد من الأمور التي يتنافس فيها رجال الكنيسة فيما بينهم، فيبددون الأموال الطائلة التي يجبونها باسم الكنيسة ومشروعاتها على ترفهم وشهواتهم ولذاتهم.

يقول الراهب "جيروم":

" إن عيش القسس ونعيمهم كان يزري بترف الأمراء والأغنياء المترفين، وقد انحطت أخلاق البابوات انحطاطاً عظيماً، واستحوذ عليهم الجشع وحب المال، وعدوا طورهم، حتى كانوا يبيعون المناصب والوظائف كالسلع، وقد تباع بالمزاد العلني، ويؤجرون أرض الجنة بالوثائق والصكوك وتذاكر الغفران، ويأذنون بنقض القانون، ويمنحون شهادات النجاة، وإجازات حل المحرمات والمحظورات، كأوراق النقد وطوابع البريد، ويرتشون ويرابون.

وقد بذروا المال تبذيراً، حتى اضطر البابا "أنوسنت" الثامن أن يرهن تاج البابوية.

ويذكر عن البابا "ليو" العاشر أنه أنفق ما ترك البابا السابق من ثروة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015