فأقمت ساعة، ثم سلمت، وَمَشيتُ عنهم إلى منزلي فلم أَلْبَثْ أن ورد عليّ بعضهم، وأعلمني أن ابن
عباس، لم يرض بما جئت به من البداية، ونسبني إلى التقصير فيه، وسألني أن أحمي عليه مكاوي
الكلام؛ وأن أقرع سمعه بضروب من الإقماع والإفحام. وذكرلي أن ادريس بن اليماني هجاه فأفحش؛
فلم أستحسن الإفحاش. فقلت فيه معرضا؛ إذ التعريضُ من محاسن القول:
أبو جَعْفَرِ رجلٌ كاتبٌ ... مَليحُ شَبَا الخَطِّ حُلْو الخَطَابَهْ
وذُو عَرَقٍ لَيْسَ ماءَ الحَياءِ ... ولَكِنَّهُ رشْحُ فضلِ الجَنَابهْ
جرى الماءُ في سُفْلِهِ جَرْيَ لِينٍ ... فأَحْدَثَ في العُلْوِ منه صَلاَبهْ
قوله:
وذو عرق ليس ماء الحياء
يشبه قول أبي الوليد بن زيدون؛ لكنه زاد فيه زيادة لطيفة، ونكتة ظريفة فقال: