لَعَمْرُ المَنَايا لا تَفُوزُ بِمِثْلِها ... فقدْ فَعَلَتْها أعْظمَ الفَعَلاتِ
تداعَتْ سماءُ العِزِّ فانْفَطَرَتْ لها ... وأضْحتْ نُجُومُ الفَخْرِ مُنْكَدِراتِ
وباتَ الأسى فيها يَقُضُّ مَضاجِعي ... ويَمْنَعُ أجْفاني لذيذَ سِناتِ
فَقُلْ للْمَنَايا قدْ وتِرْتِ سَرَاتِنا ... تراتٍ بَظَنِّي مِنْهمُ بِترات
فَلَوْ كُنْتِ شَخْصاً ما اجتَرأتِ عليْهم ... وجَنَّبْتِهِم عنْ هيْبَة وَهِباتِ
خليليَّ منْ عَلْيا مُراد تَصَبَّرا ... ففي الصَّبْرِ أعْوانٌ على الحَسَراتِ
وكُفَّ الدُّموعَ الواكِفاتِ فإنَّما ... دُمُوعُ الفَتى وقْفٌ على العَرَصَاتِ
فيَارُبَّ مَنْ تَبْكيه يَضْحَكُ فرْحَةً ... وأنْت عليهِ دائِمُ التَّرحَاتِ
فإنَّكَ لاقٍ من سُرورٍ ومنْ أسىً ... وما هُوَآتٍ لا مَحالَةَ آتِ
وقال أبو العباس أيْضاً في رثاء الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما:
أحَقُّ ما كان منْ قَلْبي تباريحُ ... فَلْيَهْنِئِ العَيْنَ أنَّ الدَّمْعَ مَسْفُوحُ
تَأَلَّقَ البرْقُ غَوْرِيا فسَحَّ لَهُ ... سُحْبٌ منَ الدَّمْعِ لَمَّا هَبَّتِ الرِّيحُ
يَاأَيُّها البرْقُ إنِّي عنكَ في شُغُلٍ ... دُونَ المزارِ فَيَافٍ بيْنَنا فيحُ
تخْدي النَّجائبُ حوْلاً في نَفَانِفِها ... لا يأتيهنَّ إعياءٌ وتطْليحُ
وكيْفَ بالسيْرِ في جَرْداء بَلْقَعَةٍ ... أقْرى مراتِعَها القَيْصُومُ والشيحُ