لم يسع الجزء الثامن الاشتراك، لذكر مناقب سيّد ملوك الأتراك، التى تضيق عن حصر جملتها الخواطر. فكيف تحصرها الأقلام والدفاتر؟ فاخترنا الله تعالى، وأنشأنا هذا الجزء اللطيف المعان، يشتمل على بقيّة ذكر بعض مناقبه الحسان، التى جملتها كعدد نجوم الآفاق، وكضياء الشمس بهجة وإشراق.
فكيف يسعها دفاتر وأوراق؟ وإنّما لمّا وفّقنا الله تعالى أن ننبّه على هذه المآثر، التى هى فرض واجب على كلّ أديب وفاضل وشاعر وناثر، لتقتدى بها الملوك الأكابر، ونستملى ذلك من ألسنة الأقلام وأفواه المحابر. وإن وفّقوا لتتبّع هذه الآثار، فكيف لهم بمساعدة الأقدار، وخدمة الفلك الدوّار؟ فهو كما قلت <من الكامل>:
حلف الزمان بأنّه فى طوعه … لا شكّ فى ذاك اليمين ولا مرا
يا دهر، ما أهناك فى أيّامه … يا عمر، طل فى عصره لن تقصرا
وهذان البيتان من جملة القصيدة التى تضمّنها أوّل الجزء السابع. وقد تقدّمت بكمالها وأشرقت أنوارها بذكر محاسن سلطانها. ففاق جمالها.
ونستفتح الآن بذكر ما كان فى بقيّة سنة ثمان وتسعين وستّ ماية
ذكر حلول ركاب مولانا السلطان الأعظم الملك الناصر
عزّ نصره من الكرك (?) وهى المملكة الثانية
كان يوم الأحد خامس جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وستّ ماية وتشرّفت الديار المصريّة والممالك الإسلامية بحلول ركاب ملك الأرض.